العناوين الرئيسيةسورية

“ورقة حقائق” أم فضيحة لواشنطن؟.. ما الذي يجري في أروقة الأمم المتحدة؟

قلة منا تصل إليه معلومات عما يجري داخل أروقة الأمم المتحدة من معارك دبلوماسية بين المندوبين الدائمين للدول وفرق عملهم، وما يشكل من تحالفات، وما يجري من اتصالات عشية صدور كل قرار أو صياغة مشروع قرار أو بيان، وحتى عند التصويت في مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ولعل ما صدر أمس من بيان “توضيحي” للولايات المتحدة الأميركية تجاه الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها على عدد من الدول ومن بينها سورية، دفعنا للتواصل مع عدد من الدبلوماسيين في نيويورك لكشف ملابسات هذا “التوضيح” وأسبابه، وخلفياته ومعانيه.

وعلمت “الوطن” أن صدور هذا البيان الأميركي، جاء خطوة “دفاعية” تجاه جملة من الانتقادات تعرضت لها الولايات المتحدة الأميركية التي تمنع وصول المساعدات والمعدات الطبية للدول التي تفرض عليهم ظلماً عقوبات اقتصادية، ورداً على حملة شنت عليها داخل أروقة الأمم المتحدة تطالبها برفع هذه الإجراءات القسرية وإلغائها.

وتقول المعلومات التي حصلت عليها “الوطن” إن البعثة الدبلوماسية السورية في نيويورك كانت السباقة في شن هذه الحملة على الولايات المتحدة بالتنسيق مع البعثة الدبلوماسية الايرانية، وعمل الدبلوماسيون السوريون أياماً على مشاريع قرارات وبيانات أدت بداية إلى صدور موقف رسمي من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس طالب فيه الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات فوراً لفتح المجال أمام الدول كافة للحصول على كل ما يلزم من أجل مواجهة والتصدي لفيروس كورونا، إلا أن نداء الأمين العام لم يسمع صداه في واشنطن وعواصم أوروبا، ما دفع الدبلوماسيين إلى بذل المزيد من الجهود وتنسيق المواقف مع الدول دائمة العضوية مثل الصين وروسيا اللتين تجاوبتا بشكل سريع مع مطالب الوفد السوري ووفود الدول المتضررة من العقوبات الأوروبية والأميركية، وبدأتا حملة منسقة داخل مجلس الأمن والجمعية العامة للضغط على واشنطن والأوروبيين لرفع الحصار وإلغاء الإجراءات القسرية أحادية الجانب.

وتفيد المعلومات التي حصلت عليها “الوطن” أن معارك دبلوماسية حقيقية تم خوضها في نيويورك، أدت إلى إحراج بعثة الولايات المتحدة التي باتت بلادها متهمة بعرقلة وصول المساعدات والمعدات الطبية والإنسانية إلى الدول المدرجة على لائحة عقوباتها، ما دفع مكتب  مراقبة الأصول الأجنبية OFAC التابع لوزارة الخدمة الأميركية إلى إصدار التوضيح أو ما سمي “ورقة الحقائق” بعنوان “تقديم المساعدة الإنسانية والتجارية لمكافحة covid 19 ” في خطوة نادرة، فصّلت فيها الإدارة الأميركية العقوبات التي تفرضها على كل دولة، وروجت لورقتها هذه كمن يقوم بحملة علاقات عامة لتبرئة نفسه من تهم وجهت إليه.

وتريد واشنطن من خلال ورقتها هذه، إيصال رسالة واحدة يمكن تلخيصها بأن “الإجراءات أحادية الجانب تراعي الاعتبارات المرتبطة بتقديم مساعدات إنسانية وتصدير بضائع ذات طبيعة إنسانية وخدمية للدول الخاضعة للعقوبات وذلك من خلال استثناءات تم تفصيلها في هذه الورقة”.

وعلى الرغم من صدور “ورقة الحقائق” هذه، إلا أن مصادر “الوطن” في نيويورك تؤكد أن الحراك داخل مجلس الأمن لا يزال مستمراً من الدول المتضررة، وأن ما صدر من الولايات المتحدة لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره استجابة لنداء الأمين العام انطونيو غوتيريس والعديد من الهيئات التابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة التي نشرت تقارير متخصصة تتحدث عن الآثار السلبية لهذه العقوبات في الدول، وهو بكل تأكيد خلاف لما روجه البعض ليس “تخفيفاً للعقوبات”، وحتماً ليس “رفعها”، بل فقط هروب إلى الأمام نتيجة الضغط الكبير والانتقادات الحادة الذي تعانيها واشنطن في الأمم المتحدة من محور كامل تم تشكيله يتضمن الدول المتضررة إضافة إلى روسيا والصين والعديد من الدول التي تحترم  حقوق الإنسان وترفض رفضاً قاطعاً سياسة العقوبات التي تطول الشعوب بهدف تنفيذ أجندات سياسية أميركية وغربية.

يذكر أن الدول التي تخضع للإجراءات القسرية أحادية الجانب من الولايات المتحدة الأميركية هي: سورية وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية وأوكرانيا وروسيا، وأن عدة مبادرات شعبية انطلقت في سورية وعدد من الدول مطالبة برفع العقوبات فوراً، والسماح للحكومات بتوفير كل ما يلزم للتصدي لفايروس كورونا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock