102 مليار ليرة أرباح التجاري السوري خلال 2024: مكاسب قياسية في ظل اقتصاد منهار

كشفت مصادر مطلعة على أداء المصرف التجاري السوري، عن تسجيل المصرف أرباحاً بلغت 102 مليار ليرة سورية نهاية العام الماضي. هذه الأرقام التي وإن كانت تبدو إيجابية للوهلة الأولى ولكنها قد تخفي وراءها واقعاً اقتصادياً معقداً يعكس عمق الأزمة التي يعاني منها القطاع المصرفي والاقتصاد السوري ككل.
كما كشفت المصادر أن الودائع لدى المصرف بلغت حتى نهاية 2024 حوالى 34501 مليار ليرة سورية، موزعة بين ودائع تحت الطلب بقيمة 19563 مليار ليرة، منها 7904 مليارات ودائع تحت الطلب بالقطع الأجنبي مقومة بالليرة السورية، وودائع لأجل بلغت 14756 مليار ليرة، منها 14524 ملياراً ودائع لأجل بالقطع الأجنبي مقومة بالليرة السورية.
وعلى صعيد القروض، تكشف البيانات عن صورة مثيرة للقلق. فخلال الربع الأول من العام الجاري، لم يمنح المصرف أي قروض استثمارية أو كفالات، بينما اقتصرت قروض التجزئة على 8 قروض فقط بقيمة 380 مليون ليرة سورية. أما خلال العام 2024، فبلغ عدد القروض الاستثمارية 84 قرضاً بقيمة 208.7 مليارات ليرة، في حين بلغ عدد الكفالات 113 كفالة بقيمة 57 مليار ليرة، ووصل عدد قروض التجزئة إلى 47475 قرضاً بأكثر من مليار ليرة سورية.
هذه الأرقام تكشف عن التركيز على القروض الاستهلاكية الصغيرة وتوقف التمويل الاستثماري الذي يعتبر حيوياً لتحريك عجلة الاقتصاد. كما تشير إلى شلل شبه تام في القطاع الاستثماري، ما ينذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وفيما يتعلق بالتسديدات، بلغت قيمتها لدى المصرف خلال الربع الأول من العام الجاري 26.12 مليار ليرة سورية، موزعة بين قروض التجزئة بقيمة 17 مليار ليرة، وقروض استثمارية وتنموية بأكثر من 9.11 مليارات ليرة. هذه النسب قد توحي بتحسن في جودة محفظة القروض.
وعلى صعيد الخدمات المصرفية الإلكترونية، تشير البيانات إلى تطور ملحوظ في استخدام هذه الخدمات، حيث بلغ عدد المستفيدين من خدمة حساب الدفع الإلكتروني خلال العام 2025 حوالى 48719 مستفيداً، مقارنة بـ 312187 مستفيداً خلال العام الفائت. كما بلغت قيمة السحوبات عبر أجهزة الصرافات الآلية (ATM) 128,709 مليار ليرة خلال الربع الأول من العام 2025، ووصلت إلى حوالى 1,207,292 مليار ليرة خلال العام 2024.
أما السحوبات عبر أجهزة POS فبلغت قيمتها حوالى 39,100 مليار ليرة خلال الربع الأول من العام الجاري، و541,680 مليار ليرة خلال العام الفائت.
هذه الأرقام، رغم ما قد توحي به من نمو في القطاع المصرفي، تخفي وراءها حقائق اقتصادية مؤلمة. فالأرباح التي حققها المصرف، رغم ضخامتها، تفقد قيمتها الحقيقية بسبب التضخم الجامح الذي تعاني منه البلاد. كما أن التركيز على الودائع بالعملات الأجنبية قد يعكس أزمة ثقة عميقة في العملة المحلية، بينما يؤكد شح القروض الاستثمارية شلل القطاع الإنتاجي في البلاد.
محمد راكان مصطفى