محلي

دعاوى وصلت قيمتها إلى مليار ليرة.. لجنة لتعديل قانون التحكيم الخاص بفض النزاعات بين رجال الأعمال

في الوقت الذي طالب فيه عضو إدارة التشريع في وزارة العدل محمد وليد منصور بتعديل قانون التحكيم الخاص بفض المنازعات بين المستثمرين والتجار كبديل عن القضاء، أعلن رئيس بداية المحكمة التجارية الثانية في دمشق حازم آلوسي عن تشكيل لجنة لتعديل القانون.
وفي تصريح لـ«الوطن» اعتبر آلوسي أن القانون الحالي فيه بعض الثغرات والقصور وحالياً يتم تعديلها رغم أن هناك مواد أخرى جيدة جداً، مرجعاً سبب هشاشة التحكيم في سورية إلى عدم وجود ثقافة في ذلك باعتبار أن التاجر غير متقبل بعد لهذه الفكرة كما أن مراكز التحكيم تأسست قبل الأزمة مباشرة وبالتالي لم تأخذ فرصتها بشكل كامل.
وأكد آلوسي أن هناك الكثير من التجار من مصلحتهم تعطيل أي اتفاق متعلق بفض النزاعات بينهم وخصوصاً أن التحكيم يقوم على مبدأ حسن النية فإذا كانت غير متوافرة لا يوجد تحكيم، كاشفاً أن الدعاوى التي حلت عبر التحكيم ضئيلة مقارنة بعدد الدعاوى المعروضة أمام القضاء ولاسيما أن هناك دعاوى يمكن أن تتجاوز قيمتها مليار ليرة أو أكثر.
ورأى آلوسي أن سورية تجهز لبيئة تشريعية مشجعة للاستثمار الاقتصادي سواء كان سورياً أم أجنبياً، موضحاً أنه يتم ذلك في عدة طرق، منها إيجاد بديل لحل النزاعات التي يمكن أن تنشأ عن الاستثمارات وهو التحكيم باعتبار أن المستثمرين الأجانب يتجنبون اللجوء إلى القضاء الحكومي لعدم ثقتهم بحياديته بالنسبة لهم، كما يتجنبون اللجوء إلى قوانين أخرى غير قوانينهم باعتبار أنهم جاهلون بها.
وأضاف آلوسي: بالتالي المستثمرون الأجانب يفضلون في حال حدوث نزاع اللجوء إلى التحكيم الدولي كبديل عن القضاء السوري لحل هذا النزاع، مشيراً إلى أن سورية هي من الدول الأولى التي قننت أحكام التحكيم فكانت البداية من قانون أصول المحاكمات المدنية الصادر في عام 1953.
وأعرب آلوسي عن أمله بإحداث مركز تحكيمي إقليمي يتولى التحكيم الدولي على غرار مركز دبي والقاهرة يكون بالتعاون مع أكثر من جهة سواء عبر وزارة العدل أم جامعة دمشق وغرفة التجارة وخصوصاً أن هناك دولاً سبقت سورية تعتبر أحدث منها قضائياً.
وأشار آلوسي إلى أن هناك بعض الدول المتقدمة تعتبر أن التحكيم هو الأساس والقضاء هو الاستثناء، مضيفاً: للأسف في سورية مازال القضاء هو الأساس في هذا الموضوع وبالتالي أصبح على عاتقه عدد كبير من الدعاوى التجارية التي من الممكن أن تأخذ وقتاً طويلاً.
وفي تصريح لـ«الوطن» رأى القاضي محمد وليد منصور أن المطلوب اليوم إيجاد بيئة تشريعية تخدم المستثمرين والدولة وتشجعهم على موضوع الاستثمار، مشيراً إلى وجود ثغرات في قانون التحكيم الصادر في عام 2008 وفي قانون الاستثمار أيضاً فهناك بعض المواد أثناء التطبيق كانت بحاجة إلى تعديل.
وأكد منصور أنه لا يوجد ضوابط ومعايير في تعديل القوانين منها عدم الاستعانة في الخبرات التي لها باع طويل في اختصاصها وخصوصاً أن هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى تخصص.
ورأى منصور أنه لابد من توافر عدة أمور لأي مستثمر يريد الاستثمار أهمها أن يكون هناك شركات تأمين على مستوى عالٍ ليضمن مخاطر المشروع الذي سيقوم به وثبات تشريعي إضافة إلى وجود التحكيم وتهيئة المناخ الذي يسمح بذلك بوجود اتفاقيات دولية تضمن حقوقه.
وأشار منصور إلى أن سورية وقعت على اتفاقية دولية في موضوع التحكيم الغاية منها تنفيذ أحكام المحكمين كما أنها دخلت ضمن اتفاقية واشنطن في عام 2005 والتي تعنى بالعلاقة بين الدول ورعايا الدول الأجنبية، ضارباً مثلاً: إذا شركة أجنبية نفذت مشاريع في سورية فإن هذه الاتفاقية تحفظ حقوقها وحقوق الدولة في الوقت ذاته.
ودعا منصور إلى إيجاد جهة موحدة في عملية التحكيم ذلك بتقوية مركزين تحكيميين أو ثلاثة، موضحاً أن القانون السوري سمح للمستثمرين أن يختاروا مركز التحكيم الذي سيختص في فض المنازعات في حال وجدت ولو كان دولياً وبالتالي تحتاج إلى تقوية بعض المراكز السورية.
واعتبر أن هناك الكثير من مراكز التحكيم في سورية غير مفعلة وخصوصاً في ظل الأزمة التي حددت الكثير من فعاليتها كما أن هناك بعض الأشخاص فتحوا مثل هذه المراكز من باب المظاهر فقط، مشيراً إلى أنه يوجد في سورية 57 مركزاً والمفعلة لا يتجاوز عددها 7.
ولفت منصور إلى أنه تم إغلاق ثلاثة مراكز لعدم فعاليتها، مؤكداً أن هناك أخرى في طريقها للإغلاق، ومشيراً إلى أنه لا يوجد مراكز في دير الزور والرقة وفي حلب مركزان مفعلان فقط.
من جهته رأى عضو الهيئة العامة للجنة الوطنية لغرفة التجارة الدولية المحامي أحمد منصور أن قانون التحكيم فيه الكثير من الثغرات والتناقض ما يؤدي إلى الحرمان من بعض الحقوق وبالتالي يجب تعديله، موضحاً أن تشجيع الاستثمار الخارجي بحاجة إلى تفعيل مراكز التحكيم وحاليا هي ضعيفة بسبب الجمود الذي حدث في البلد إضافة إلى العشوائية في فتحها.
وفي تصريح لـ«الوطن» أكد منصور أن وزارة العدل حالياً تنبهت إلى موضوع ضعف مراكز التحكيم باتخاذ إجراءات بإغلاق عدم الفاعلة منها، معتبراً أنه لا يوجد مناخ تحكيمي يشجع المستثمر بالعودة إلى سورية، ومعرباً عن أمله أن يتوافر في المستقبل.
ورأى منصور أن سورية بحاجة إلى استثمارات أوروبية إلى جانب استثمارات الدول الصديقة وهذا الأمر لا يتم إلا بوجود منظومة تحكيمية قوية تساعد على ذلك، مشدداً على ضرورة تنفيذ الأحكام الصادرة بالتحكيم في المحاكم لإعطاء ثقة في هذا الموضوع وإعطاء صورة للآخرين أنه يوجد مناخ تحكيمي جدي.
ولفت منصور إلى أنه تم ذكر وضع التحكيم في قانون الاستثمار كإحدى الوسائل لحل النزاعات ويمكن أن تتم أمام مراكز دولية، مشدداً على ضرورة دور المراكز في تشجيع الناس على موضوع التحكيم مؤيداً التحكيم يكون أفضل من اللجوء إلى القضاء في حال كان فاعلاً باعتبار أن يوفر الوقت والجهد.
وعقدت غرفة التجارة الدولية السورية برعاية وزير العدل هشام الشعار منذ يومين ورشة عمل عن التحكيم الدولي ودوره في جذب الاستثمار وإعادة إعمار سورية حضره قضاة ومحامون.

محمد منار حميجو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock