من الميدان

اقتتال في الغوطة أم استئصال تنظيمات ؟!!

وبدأت مليشيا “جيش الإسلام” يوم الجمعة الماضي، هجوما على مقرات “النصرة” داخل عربين عبر عدة محاور، مستخدمة الدبابات، سرعان ما تطور الهجوم إلى اشتباكات عنيفة تخللها استخدام الطرفين للأسلحة الثقيلة وهنا كانت عين “جيش الإسلام” على النفق الوحيد المتبقي (شبه المشلول) والذي يربط الغوطة بالقابون، فكان له ذلك بعد يومين من الاشتباكات.

الاشتباكات ازدادت حدتها وتوسع انتشارها، يوم السبت، لتشمل أكثر من مدينة وبلدة داخل الغوطة الشرقية، مع معلومات أهلية تحدثت لـ”الوطن أون لاين” عن مؤازرة بعض الفصائل مثل “فيلق الرحمن” لـ”جبهة النصرة” رغم إعلان قادته “الحياد” عن المعارك الدائرة في الغوطة، والتي أسفرت عن مقتل العشرات من المسلحين بالإضافة لسقوط ضحايا من المدنيين.

وانتشرت المعارك في الغوطة، كانتشار النار في الهشيم، حيث سرعان ما تجاوزت عربين لتصل إلى حزة، التي شهدت قيام عنصر من “النصرة” بتفجير نفسه داخل مقر لـ”جيش الإسلام”، وكفربطنا التي عاشت معارك بالأسلحة الثقيلة وقصف متبادل بالهاون والصواريخ، بيت سوا، الأشعري، مديرا، سقبا جميعها مناطق شهدت اقتتالا عنيفا وسقوط عدد كبير من القتلى بينهم مدنيين، وسط حديث ناشطين عن “إخلاء فيلق الرحمن لمواقعه بالنشابية” في خطوة استباقية خشية من تطورات في الساعات القادمة.

هذا الأمر دفع بـ”جيش الإسلام”، في بيان له، إلى الإعلان عن إرساله ضمانات لـ “فيلق الرحمن” يؤكد فيها عدم رغبته في الهجوم على معاقله ومواقعه، وأن الهدف فقط هي “جبهة النصرة” لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هذه الضمانات يجب أن تترافق بمنع عناصر التنظيم من المشاركة في المعارك ضده.

من جانبهم، شن ناشطون مقربون من “جبة النصرة” و”فيلق الرحمن” هجوما حادا على مليشيا “جيش الإسلام” عبر منشورات تتكلم عن تخطيطها المسبق لهذه العملية وأن الهدف الظاهر هو معاقبة “النصرة” بعد إيقافها مؤازرة كانت تتجه إلى القابون، وفقا لادعاء المليشيا، بينما في الخفاء فإن الهدف من ذلك السيطرة الكاملة على الغوطة، لافتين إلى أن “جيش الإسلام” استغل نقص الذخيرة الحاد لدى “جبهة النصرة” و”فيلق الرحمن” نتيجة المعارك التي دارت في جوبر مؤخرا.

وكان تنظيما “جبهة النصرة” و”فيلق الرحمن” شنا في شهر آذار الماضي هجوما، عبر مرحلتين، على نقاط الجيش السوري في جوبر ومحيطها بهدف ربطها مع القابون وبالتالي كسر الحصار المفروض على إرهابيي القابون، وعلى الرغم من تقدمهم المؤقت ووصولهم إلى كراجات العباسيين، بعد استخدام عشرات الإنغماسيين بالإضافة لعدد من المفخخات، إلا أن الجيش السوري ما لبث أن استعاد النقاط التي خسرها ومن ثم تقدم في نقاط جديدة، وسط معلومات ميدانية أسفرت عن مقتل العشرات من الإرهابيين جراء هذه المعركة.

خريطة السيطرة داخل الغوطة تغيرت خلال الأيام الماضية، حيث تمكنت مليشيا “جيش الإسلام” من السيطرة الكاملة على بلدات بيت نايم والأفتريس ومزارع الأشعري، كما سيطرت على أكثر من 80% من بلدة عربين بالإضافة لنفقها الاستراتيجي، في حين أن دوما ومسرابا تقعان بالأساس تحت سيطرته، فيما لا تزال “جبهة النصرة” وحليفها “فيلق الرحمن” يسيطران على سقبا وكفربطنا ومديرا، في الوقت الذي استطاعا فيه استرجاع بلدة حزة من “جيش الإسلام”  بينما تبقى كل من “حمورية وحرستا” محيدتين حتى هذه اللحظة عن المعارك.

في سياق متصل، تحدث ناشطون عن نية “النصرة” بتحريك أرتال عسكرية لإنهاء تواجد “جيش الإسلام” في منطقة ادلب وريفها بشكل كامل وذلك ردا على تحركات الأخيرة في الغوطة الشرقية، حيث من المتوقع أن تتطور الأحداث خاصة في قرية بابسقا المحاذية للحدود التركية السورية، والمطلة على معبر باب الهوى الحدودي، باعتبارها المعقل الأساسي للمليشيا في ريف ادلب، رغم محاولات مليشيا “أحرار الشام” من منع ذلك.

تأتي هذه التطورات بعد أيام قليلة من سيطرة الجيش السوري على كامل أنفاق برزة، والتي تصل برزة بالغوطة، ليبقى بذلك نفق القابون – عربين (الذي تسيطر عليه جبهة النصرة) هو الباب الأخير المتبقي للغوطة باتجاه غرب الاتستراد الدولي، ما شكل مادة دسمة للاقتتال عليه خاصة على مدخل النفق من جهة عربين، أما مدخله الآخر من جهة القابون فالسيطرة مازالت لتنظيم “جبهة النصرة” باعتبار الحي معقل للتنظيم.

وشهدت الغوطة اقتتالا في العام 2016 أستمر عدة أسابيع على أثر هجوم نفذه “فيلق الرحمن” و”جبهة النصرة” على مقرات “جيش الإسلام” في القطاع الأوسط من الغوطة الشرقية، ما أسفر عن سيطرة التنظيمين على مقرات ومستودعات ذخيرة وآليات تابعة لـ”جيش الإسلام” بالإضافة لاعتقال المئات من عناصره ما دفع الأخير لقبول “صلحة” تفرض عليه واقعا جديد وتقاسم جديد لمناطق السيطرة في الغوطة.

كل ما سبق يؤكد أن الاقتتال في الغوطة الشرقية تطور حاليا إلى صراع على الوجود والهيمنة، حيث تسعى الدول الراعية للتنظيمات والمليشيات في الغوطة، قطر (فيلق الرحمن وجبهة النصرة) والسعودية (جيش الإسلام) للاستحواذ على كامل ورقة الغوطة، دون محاصصة، ما يعني أننا سنشهد في المستقبل، وربما القريب، أفول وزوال لتنظيم أو أكثر داخل الغوطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock