مقالات وآراء

دي مستورا والاستمرار بشهادات الزور!

لا يختلف ستيفان دي مستورا كموفد أممي عن سابقيه من الموفدين الأمميين الذين تركّز عملهم على محاولة التذاكي، والضغط على الدولة السورية لتمرير الأجندة الأميركية الغربية في سورية، تحت شعار إنساني دائماً، متخفّين باسم الأمم المتحدة، وكأنها منظمة إنسانية لا تهتم إلا بالبكاء، وذرف الدموع على الواقع المتدهور للأمن والسلم الدوليين، وليست ملعباً للمصالح الدولية، وخاصة الغربية منها بعد أن أصبحت منظمة مخترقة من واشنطن، وحلفائها إثر انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991.

قبل دي مستورا كان الأخضر الإبراهيمي يروّج لنا لـ(طائف سوري)، وأنه لا حل في سورية إلا من خلال القبول بالعرقنة أو اللبننة كنموذج وحيد لوقف العدوان الغربي الفاشي على سورية، ومع ذلك خرج من الساحة من دون أن يتمكن من تحقيق الأجندة التي وضعت له آنذاك، وقد يكون الراحل كوفي عنان الأكثر وضوحاً في مهمته بسورية عندما اعترف لاحقاً إثر استقالته أن هناك قوى ودولاً عرقلت عمله، وهذه القوى لا تريد السلام والاستقرار في سورية.

ولأن الميدان تغير جذرياً بالطول والعرض، فإن كلام دي مستورا تغيّر أيضاً بالطول والعرض، على الرغم من استمراره في بث الدسائس، والتصريحات المشبوهة بين الفترة والأخرى ضمن جوقة الضغط الدولية التي ينسق بعضها مع بعض قبل كل مرحلة مفصلية من مراحل القضاء على الإرهاب القذر الذي صنعته، ودعمته القوى نفسها التي تتباكى على المدنيين السوريين في إدلب اليوم.

خطورة دي مستورا تكمن في أنه يلبس قبعة زرقاء ليعطي دوراً لنفسه لم يطلبه منه أحد، ويتباكى في كل مرة على الإرهابيين من باب الحرص على المدنيين… ألم يقترح هو شخصياً أن يذهب إلى شرق حلب لاصطحاب إرهابيي النصرة وغيرهم من التنظيمات الأخرى لمنع هجوم الجيش العربي السوري بهدف إنهاء وجود الإرهاب هناك!

الآن يعود علينا السيد دي مستورا بقصائد الرثاء، والبكاء نفسها على إرهابيي النصرة وغيرهم، تحت عنوان لا يجب أخذ 3 ملايين شخص منهم، فهناك نحو مليون طفل يعيشون في إدلب بذنب آلاف من إرهابيي جبهة النصرة الموجودين هناك! إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تظهر حماسة دي مستورا عندما كان الإرهابيون يهددون حياة الملايين في دمشق وحلب، بمن فيهم الأطفال، ولماذا لم تظهر مروءته عندما كان إرهابيو شرقي حلب والغوطة الشرقية يقتلون آلاف المدنيين بقذائف حقدهم الإخوانية الوهابية؟

أمر غريب عجيب من موفد أممي يفترض أن مهمته هي تسهيل المباحثات السورية-السورية كميسر، وليس كمتدخل في الشؤون الداخلية السورية، أو كمدافع عن الإرهابيين الذين صدرت بشأنهم عشرات القرارات من مجلس الأمن الدولي والتي تطالب بالقضاء عليهم، ومحاسبة داعميهم ومموليهم!

لا نعرف من أين أتى السيد دي مستورا بأرقامه الإحصائية حول وجود 3 ملايين إنسان في إدلب، بينهم مليون طفل، فهناك جهات أخرى دولية تحدثت عن 4 ملايين، وقد نفاجأ بأن يكون عدد سكان سورية في إدلب وفقاً لعدادات الجهات الدولية المشبوهة التي تبالغ بهذه الأرقام للتهويل والتخويف، ومنع عملية اجتثاث الإرهابيين القتلة هناك.

ثم لماذا يعترف السيد دي مستورا بأن من حق الدولة السورية أن تقوم بعمليتها العسكرية ضد 10 آلاف إرهابي الذين يأخذون الـ3 ملايين سوري كرهائن في إدلب، وقد قال هذا الكلام قبل أيام: «إنه من حق الدولة السورية أن تحارب الإرهابيين»! ثم تراجع عنه بعد يومين بعد أن طُلب منه ذلك على ما يبدو!

على السيد دي مستورا أن يتذكّر أن عشرات آلاف الجنود الفرنسيين نزلوا إلى العاصمة الفرنسية، والمدن الفرنسية من أجل مواجهة 3 إرهابيين شكّلوا خطراً على حياة المدنيين، وأنّ الدول الغربية التي ينتمي لمدرستها وثقافتها لا تتسامح مع إرهابي أو اثنين، فكيف إذا كانوا عشرات الآلاف ومن جنسيات مختلفة لا علاقة لهم بـسورية وشعبها، ولا بمستقبلها السياسي، بل هم قتلة، مجرمون أتي بهم من كل أصقاع الأرض لتدمير سورية، وقتل شعبها؟

من المخجل بعد سبع سنوات من هذه الحرب الفاشية على سورية وشعبها، أن نجد شخصية دولية تمثل الأمين العام للأمم المتحدة، لحل قضية معقدة كالقضية السورية، تحاول الدفاع عن الإرهابيين بذريعة الحفاظ على المدنيين السوريين، ودي مستورا وغيره يدركون أن الدولة السورية هي الأكثر حرصاً عليهم لأنهم أبناؤنا وأخوتنا، وليسوا أقارب دي مستورا وجوقته الغربية، التي بتنا على دراية تامة أنهم قتلة الإنسان والإنسانية، وأنّهم من أجل مصالحهم دمّروا بلداناً ومجتمعات، وشردوا شعوباً بكاملها تحت اسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان!
كما ننصح السيد دي مستورا بأن يتذكّر أن الرقة التي تحدّث عنها دُمرت بالكامل على يد الولايات المتحدة الأميركية بذريعة محاربة داعش، وهي نفسها التي تتباكى على المدنيين السوريين في إدلب، كما تباكت عليهم في الغوطة الشرقية ودرعا وحلب… وغيرها من المدن والمناطق السورية، كما أن أميركا نفسها هي التي تُسلّح الإرهاب، وتدعمه في سورية، وهو أمر بات معلوماً ومكشوفاً ومفضوحاً! ألم يقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بأن كلينتون وأوباما هما من صنعا تنظيم داعش الإرهابي!

يا سيد دي مستورا: اللعبة انتهت، ولم يعد بإمكان كائن في الأرض أن يمنعنا من استمرار الزحف لتنظيف أرضنا-نعم أرضنا وليست أرضكم – من دنس الإرهاب الذي دعمته المنظومة الغربية الأطلسية، ووهابيي الخليج وإخوان العالم، لأننا نحن من دفع الثمن الأكبر من دماء أبنائنا، وتضحيات جيشنا الباسل، ودعم حلفاء أدركوا تماماً أن ما يجري في سورية لا علاقة له بدستور ولا بحريّات ولا بديمقراطية، وإنّما هي حرب فاشية تشبه إلى حدّ كبير حرب هتلر النازيّة التي قتلت الملايين ودمرت مدناً ودولاً بأكملها، وهذه النازيّة الجديدة تختبئ الآن تحت عناوين برّاقة، وتحتمي باسم الإنسانية، والحرية… وللأسف فإن بعض الدول الغربية التي تتشدّق علينا بخطاب الحرية والإنسانية، هي نفسها التي ستدفع ثمن أكبر حماقة ارتكبت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في سورية.

أنصحك يا سيد دي مستورا باعتبارك مكلفاً بالعمل كوسيط وميسر للمحادثات السورية السورية أن تلتزم الصمت حينما يكون ذلك مطلوباً، لا أن تقول كلمة حق يراد بها باطل، فكلامك مخجل، ويأتي في زمن انتهاء اللعبة وانكشافها، وعليك أن تدرك أن سورية ذاهبة إلى انتصار تاريخي سيذكره التاريخ، ويكتب عنه الكثير، أما المهزومون فمصير أفعالهم وكلامهم كالعادة إلى مزبلة التاريخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock