اقتصاد

النداف: تحويل دعم الخبز لزيادة رواتب يحتاج استبيانات ودراسة حكومية

خمس أولويات رئيسة طرحها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف النداف حول توجه عمل الوزارة الجديد، وهي تبدأ بعملية القياس والجودة والنوعية إضافة إلى محاربة الغش وتطوير المخابر حتى الوصول إلى

منتج جيد، بالتزامن مع تشديد الحملات على بائعي الخبز في ظل أزمة معيشية يعاني منها المواطن شد الحزام حداً غير مسبوق، معرجاً على العديد من الموضوعات الخاصة بعمل الوزارة والخطط واستحقاقات المرحلة الحالية في حديث مطول مع «الوطن»، وفيما يلي نص الحوار:

على ماذا ترتكز الأولويات التي طرحتها؟ وما الغاية منها؟ وإلى أي درجة تخدم عمل الوزارة للوصول إلى تحسين الوضع المعيشي للمواطن؟
إن أهداف ومهام الوزارة والجهات التابعة واضحة وفق القانون، فوجود مديرية لحماية المستهلك يعني أن الأولوية هي صحة الإنسان وأن يكون هناك مصداقية في تقديم السلعة للمواطن وأن تكون غير مغشوشة ومحققة للمواصفات المطلوبة من دون عملية غش ومن ثم يجب تكثيف عمل دوريات حماية المستهلك لسحب العينات الغذائية وغير الغذائية للتأكد من النوعية الجيدة والمحققة للمواصفات السورية ومن ثم نحقق حماية صحة المواطن.
إضافة إلى دور الوزارة الرئيسي وهو التدخل الإيجابي في الأسواق، فهناك متغيرات يومية للأسعار وخاصة للخضر والفواكه نتيجة المنافسة والعرض والطلب، ولذلك ركزنا على التدخل الإيجابي من خلال المؤسسة السورية للتجارة بعملية الشراء المباشر من الفلاح للبيع في صالات المؤسسة بسعر منافس للسوق، الأمر الذي يساهم في ضبط الأسعار من خلال المنافسة وهذا دور السورية للتجارة وهو ما سيتم التركيز عليه في هذه الفترة، وهذه الأولويات تساعد في تحسين الوضع المعيشي للمواطن.

ما الغاية من تفويض المحافظين بتوزيع كميات الدقيق التمويني والخميرة إلى المخابز في المحافظات؟
من ضمن أولويات عمل الوزارة الحفاظ على جودة رغيف الخبز إضافة إلى ضبط عملية توزيع الدقيق التمويني وتحسين وضع الخبز بشكل عام وتقديمه بشكل جيد للمواطن، وهو ما شددنا عليه، ولذلك تمت دراسة الحاجة العامة لكل محافظة من الدقيق التمويني من خلال اللجان في المحافظات، وهي تدرس وضع المخابز وما احتياجاتها من الدقيق والخميرة وتقدمها للوزارة لتتم الموافقة عليها أو الرفض، ومن أجل تبسيط الإجراءات وتسهيل العمل أعطيت الصلاحية للمحافظ بالموافقة على محاضر اللجنة، كما فوض في إقرار العقوبات والإغلاق وهو ما يخفف من الأعباء كون المحافظين أعلم لأنهم موجودون على أرض الواقع، وبذلك يكون دور الوزارة هو الإشراف والمراقبة، وهذا الإجراء يساعد في تحديد المسؤولية.

ألا يقلق اتخاذ قرار كهذا من عدم ضبط الاستجرار من مخازين الدقيق التمويني؟
لا نقص في مخازين الدقيق والمخزون جيد والأمور بخير وكل ما يشاع حول هذا الأمر هي مجرد إشاعات، والقرار يساعد في عملية الضبط لكونها ضرورية، وهناك دعم كبير يقدم فعندما تقدم طن الدقيق التمويني بمبلغ 14 ألف ليرة سورية للمخابز الخاصة التموينية وهو يباع بأكثر من 225 ألف ليرة سورية، والخميرة مدعومة والمازوت مدعوم ويسلم للمخابز بـ135 ليرة سورية وسعره 185، وهذا ما يحرك أصحاب النفوس الضعيفة لاستغلال هذا الدعم وخاصة عندما نتحدث بأن المخابز التموينية الخاصة تنتج نصف احتياج سورية من الخبز، وبالتالي هي مسألة خطيرة إن لم يتم ضبطها ووضع رقابة عليها، ولذلك فإن التعاون وثيق مع وزارة الداخلية لضبط عملية التصرف بالدقيق التمويني والمحروقات المخصصة للأفران وعدد الضبوط الأخيرة بحق المخالفين وما تم من إغلاقات بحقهم يدل على حجم هذا العمل وأهميته، وفي بعض الحالات وصلت إلى سحب الرخصة ولكن مهما كانت الإجراءات متشددة فهي لن تكون على حساب تأمين المادة للمواطن.
ما الهدف من الحملة على بائعي الخبز أمام المخابز؟ وهل هذا الإجراء مناسب لمنع التلاعب بالأسعار؟
بائعو الخبز أمام المخابز ظاهرة غير صحيحة وتسببت بكثافة المواطنين أمام كوات المخابز على الرغم من عدم وجود نقص في مادة الدقيق التمويني، ولا يوجد نقص في إنتاج الخبز، فهذه الحملة بدأت ولكنها غير كافية، حيث لاحظنا وجود أعداد كبيرة من المواطنين يقومون بالتجمع أمام المخابز وشراء ربطة الخبز وبيعها أمام المخبز بسعر مضاعف وبالتالي إعاقة الآخرين من شراء الخبز وحرمانهم حقهم في الدعم وبالتالي سياسة الدعم لم تحقق هدفها، بالإضافة إلى الإساءات التي تحدث على كوات المخابز بمنع المواطن من الوصول لشراء حاجته من الخبز، فتمت المعالجة بالتعاون مع الجهات المعنية ومع وزارة الداخلية، وهذا غير كاف، لذلك كان الإجراء الأهم هو إلغاء كافة الموافقات والاستثناءات التي تم منحها العام الماضي ومنذ بداية العام الحالي لم يتم منح أي موافقة أو استثناء مع الإشارة إلى أن الموافقات للعام الماضي كانت لقرابة 20 ألف ربطة خبز يومياً، وهؤلاء ليسوا بمعتمدين ولكنهم أشخاص يطلبون عدداً من ربطات الخبز ويبيعونها بسعر مضاعف وبعد إلغاء هذه الموافقات خف الازدحام أمام المخابز وأصبحت المادة متوفرة بالسعر المدعوم.
أما المعتمد فله شروط ومنها عدم وجود مخبز قريب في المنطقة التي يبيع فيها الخبز، وأن يكون لديه محل للبيع وصناديق خاصة لوضع ربطات الخبز وله ترخيص محدد لأماكن محددة، وهذا الأمر كان سابقاً وسيستمر فهو يتم وفق دراسة عن عدد السكان في كل منطقة واحتياجاتها من مادة الخبز، فالحكومة غير قادرة أن تفتتح مخبزاً في كل قرية وتجمع سكاني.
وأي منطقة تحتاج لمعتمد يمكن منحه الترخيص وفي بعض المناطق كلفنا موظفاً بالبلدية أن يكون هو المعتمد بالإضافة إلى خطة لتوسيع الأكشاك الموجودة في المحافظات وتوزيعها بما يخدم التوزع السكاني، ولذلك فالمعتمد عكس بائع الخبز الذي يأخذ عدداً من ربطات الخبز ليبيعها بسعر مضاعف ويخلق سوقاً سوداء ويؤثر سلباً على الدعم فعندما تصبح النسبة العظمى من المواطنين تشتري ربطة الخبز بسعر مضاعف فما هي الغاية من الدعم إذاً، بالإضافة إلى أن أغلبية من يبيعون يستغلون الأطفال ويضعونهم في الشوارع والطرقات العامة والتعاطف معهم يشرعن عمالة الأطفال.

طرح البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي فكرة إلغاء دعم الخبز وتحويله لزيادة الرواتب طالما المنتج المدعوم يباع بسعر مضاعف، فما رأيكم في ذلك؟
دعم الخبز خط أحمر، ولكن إن كان إلغاء الدعم مطلباً شعبياً وتحويله لزيادة الرواتب والأجور فهذا أمر يتطلب أن تدرسه الحكومة بشكل معمق بعد إجراء استبيانات رأي عام حوله بلغة رقمية لمعرفة القيمة الدقيقة للدعم وفي حال إلغائه فما نسبة الزيادة التي يحققها للرواتب والأجور.
ولكن، عندما نتحدث عن قيمة الدعم فهو ليس بقصد المنية للمواطن فهذا عمل حكومة وليس أفراداً ولكن القصد من ذلك هو إطلاع المواطن على قيمة الدعم المقدم لهذه المادة لكي يعلم ما الذي يحدث عندما يقوم البعض باستغلال هذا الدعم فمن غير المنطقي أن تدعم الدولة رغيف الخبز ليقوم البعض بتقديمه كأعلاف أو أن يقوم البعض بسرقة الدقيق وبيعه في السوق السوداء ولذلك فمبلغ الدعم الذي يبلغ قرابة مليار و100 مليون ليرة سورية يومياً هو حق للمواطن ويجب أن نحافظ عليه.

الحملة على المواد المهربة والمجهولة المصدر لم تتوقف ومع ذلك لا تزال هذه المنتجات في الأسواق فما أسباب عدم نجاح الحملة؟ وهل يمكن تغيرها واتخاذ إجراءات مغايرة؟
بالنسبة للمواد المجهولة المصدر فهي مرتبطة بالغش والتلاعب، أي عدم وجود أي بيانات متعلقة بهذه المنتجات من تاريخ صلاحيتها أو تحليل عينات منها، بالإضافة إلى أنها تدخل تهريباً وتأثيرها على الاقتصاد الوطني وما تسببه من خسائر أمر معروف وواضح، وهذا أمر يشكل خطورة، ولذلك هو من أولويات الوزارة.
ولكن مهما كانت قوة الردع فالنتيجة ستكون ضعيفة إذا لم يكن هناك تعاون بين الشركاء، فالحملة على البضائع المهربة والمجهولة المصدر بحاجة لتعزيز ثقافة المواطن بعدم شراء هذه المنتجات وهذا دور أساسي، فلا يمكن للحكومة أن تضع مراقباً في كل بقالية ومحل ومتجر في المحافظات والقرى، فلا بد من تعزيز ثقافة الشكوى لدى المواطن.
ولكن، مع ذلك فالحملة قوية ودليل قوتها عدد الضبوط المرتفع الذي ينظم في المحافظات، ولكنها بحاجة لتعاون الجميع وخاصة وسائل الإعلام، كما أن التعاون يجب أن يكون بين جميع الجهات من الوزارة والإعلام والمواطن والجمارك، وبالحديث عن الجمارك فإن تدخلها في الأسواق هو لتعزيز الرقابة في الأسواق بالإضافة إلى دورها على الحدود والمنافذ الحدودية الذي يجري بوتيرة جيدة، وفي المحصلة، إن دور التجارة الداخلية هو التوجه للأسواق ومتابعة المواد المجهولة والمهربة ومصادرتها وهذه الحملة ستستمر ولن تتوقف وسيتم تكثيفها، وأي إجراءات إضافية ممكن أن تساعد سيتم اتخاذها.

لماذا لم تتضمن أولويات الوزارة موضوع تخفيض الأسعار؟ فهل أصبحت الوزارة عاجزة أمام التجار؟
الوزارة لا تقوم بتحرير الأسعار بناء على العرض والطلب في السوق لكنها تقوم بالتدخل الإيجابي، وأدعو المواطنين للذهاب إلى صالات السورية للتجارة والمقارنة بين سعر كيلو السكر وسعره في الأسواق، وسيلاحظون الفرق، ولذلك فهناك فرق ما بين رفع الأسعار الكلي وتحكم التجار بالأسواق وما بين التدخل الإيجابي.
والتدخل الإيجابي في صالات السورية للتجارة يكون بشكل رئيسي للمواد الأساسية للمواطن، مع البدء بتصنيع بعض أنواع الكونسروة للمنافسة وضبط الأسعار، فالوزارة ليست مع التجار وهي مع المواطن دائماً، ولكن المواد المستوردة من التجار تحدد وفق تكاليف الاستيراد، بالإضافة إلى تكاليف النقل وأجور المحلات وفواتير المحلات وهي كلها تكاليف إضافية يضيفها التاجر على المنتج، وهذه الحلقات الإضافية غير موجودة في التدخل الإيجابي، ورغم ذلك فالوزارة تسعى للانتشار الأفقي في نشاط المؤسسة السورية للتجارة لزيادة حصتها من السوق وبالتالي زيادة قدرتها على التدخل الإيجابي بشكل أكبر وضبط الأسعار وخلق منافسة مع التجار، وبالتالي فالحديث عن تخفيض الأسعار يكون من خلال التدخل الإيجابي وضبط الأسعار، وهي من أولويات الوزارة.

عدة قوانين ما تزال قيد الدراسة، فأين وصل العمل بها من تعديلات قانون حماية المستهلك وقانون المؤسسة العامة للحبوب؟
بالنسبة لمشروع دمج مؤسسات (الحبوب والمطاحن والمخابز) فهو قانون ما زال يدرس في مجلس الشعب بانتظار إقراره، أما تعديل قانون حماية المستهلك رقم /14/ هو حالياً قيد الدراسة وسوف يصدر قريباً.

إلى أين وصل التعاون مع الدول الصديقة وهل سنشهد مشاريع جديدة؟
التعاون مع الجانب الإيراني يجري حالياً في مطحنتي أم الزيتون في السويداء ومطحنة سلحب في ريف حماة ومع الجانب الروسي يجري التعاون في إنشاء مطحنة تلكلخ في ريف حمص ونسعى لإقامة مشاريع مستقبلية مع الجانبين، بالإضافة إلى أن العمل مستمر في صيانة وإعادة تأهيل المنشآت التابعة للوزارة من مطاحن وصوامع ومخابز في المحافظات.

دعم الحمضيات هو الحديث الموسمي للحكومة ولكن الفلاح غير راضٍ والحديث عن تقصير حكومي وتأخر في تقديم الدعم يتكرر كل عام فما الأسباب؟ وهل سنجد تغيراً في الدعم؟
الدعم للحمضيات لم يصل متأخراً بشكل فعلي والحديث عن تقصير حكومي غير منطقي لكون موسم الحمضيات طويلاً وليس محدداً بشهر واحد، وهذا العام مع الاستجرار الحالي الكثيف ما يزال قرابة 60% من المحصول لم يستجر، ولكن آلية الدعم هي التي تغيرت، فتحسّن سعر الحمضيات لهذا العام وهو أفضل سعر منذ عشر سنوات نتيجة الإجراءات الحكومية وذلك نتيجة دعم تصدير الحمضيات بدفع مبلغ 1600 دولار لكل سيارة أو حاوية تصدر للخارج وهو ما يعادل 800 ألف ليرة سورية كمبلغ دعم وهو ما شجع التجار واتحاد المصدرين لتصدير الحمضيات ولذلك زاد الطلب على المادة ما انعكس إيجاباً على الفلاح.
الحكومة لم تأت متأخرة والأسعار أفضل من العام الماضي رغم أن العام الماضي تدخلت الحكومة أيضاً، ولكن كان من خلال الشراء المباشر، وهذا العام أيضاً مستمرون بالشراء عن طريق السورية للتجارة للبيع في صالاتها ودعم التصدير، وهذان الإجراءان ساعدا بتحسين تسويق الموسم، ودليل ارتفاع الأسعار عمليات الشراء التي تجري وهو المطلوب ومنذ يومين تم استجرار كامل الكمية في سوق الهال باللاذقية وهي 700 طن في يوم واحد.
وبخصوص الموسم القادم تم وضع رؤية مع اتحاد الفلاحين للتحضير للموسم القادم لمحصولي التفاح والحمضيات بحيث يتم التسعير لموسم التفاح من تاريخ 1/8 والتسعير لموسم الحمضيات من تاريخ 1/9 لكي يكون الفلاح على علم بالأسعار قبل بداية المواسم وذلك بناء على طلبهم، بالإضافة إلى تحضيرات حول الآلية التي سيتم بها استجرار المحصول، وفي هذه الحال عندما يكون الفلاح على علم بالأسعار قبل القطاف يكون قادراً على تحديد أين يسوق محصوله ولا يجعل التاجر يتحكم به من خلال الأسعار التي يفرضها.
ولكي نطمئن الفلاح فقد تحدثت خلال اللقاء مع منتجي الحمضيات بأنه لو حاول تجار سوق الهال الإساءة لاستجرار مادة الحمضيات من الفلاحين أو من سوق الهال فسنقوم بفتح سوق هال مؤقت للسورية للتجارة ولكن هذا الأمر لم يحدث وتم تحسين الأسعار للفلاحين.

علي محمود سليمان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock