إسرائيل تنسف القانون الدولي بخرق جديد جنوب سوريا

في خرق جديد لقواعد القانون الدولي، أقدم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي وعدد من كبار مسؤوليه على الدخول إلى جنوب سوريا، استفزاز أعاد تسليط الضوء على نهج الاحتلال في الالتفاف على القرارات الدولية، مقابل تأكيد دمشق على بطلان جميع الممارسات الإسرائيلية في الأراضي السورية المحتلة، سواء في الجولان أم المناطق المجاورة لمنطقة الفصل.
بطلان الإجراءات الإسرائيلية
وزارة الخارجية والمغتربين أكدت أن التحرك الإسرائيلي لا يمتلك أي سند قانوني، وأنه يشكّل انتهاكاً لأحكام القانون الدولي، ولا سيما المبادئ التي تحظر الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة.
كما شدّدت سوريا على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنه اكتساب أي حقوق أو مزايا قانونية عبر إجراءات أحادية أو عبر فرض الأمر الواقع، وذلك استناداً إلى قاعدة دولية راسخة مفادها أن الأعمال غير المشروعة لا تنتج آثاراً قانونية.
المرجعيات الدولية والقانونية
تستند المطالب السورية إلى مجموعة من الصكوك والقرارات الدولية ذات الطبيعة الملزِمة، على رأسها ميثاق الأمم المتحدة وما يتضمنه من مواد تحظر “التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية لأي دولة”، إضافة لتلك التي تنص على تسوية النزاعات الدولية بالوسائل السلمية، ما يعني أن أي محاولة لفرض تغييرات إقليمية بالقوة تُعد باطلة.
إضافة إلى ميثاق الأمم المتحدة، تأتي قرارات مجلس الأمن، ولا سيما القرار رقم 242 لعام 1967 الذي يؤكد عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة ويدعو للانسحاب من الأراضي المحتلة.
في السياق، فإن القرار 338 لعام 1973 يشدد على التطبيق الفوري للقرار 242، بينما يؤكد القرار 497 الصادر عام 1981 بطلان قرار إسرائيل بضم الجولان ويعتبره ملغى وليس له أي أثر قانوني ويُلزم الدول بعدم الاعتراف به أو التعامل مع نتائجه.
إن تجاهل إسرائيل لهذه القرارات يشكّل انتهاكاً لمبدأ الامتثال الإلزامي لقرارات مجلس الأمن التي تُعدّ مرجعاً قانونياً ملزماً للدول كافة.
على الصعيد ذاته، تأتي اتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974، إذ تمثل قاعدة قانونية واضحة تحظر على إسرائيل تغيير الوضع القائم في المنطقة المحددة بعد وقف إطلاق النار.
وتنص الاتفاقية على احترام خطوط فصل القوات وعدم اتخاذ إجراءات عسكرية أو أمنية تغيّر من طبيعة المنطقة أو وضعها، إضافة إلى التزام الطرفين بعدم القيام بأي نشاط يؤدي إلى توتر أو تغيير في الوضع الميداني، وذلك بإشراف قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك “UNDOF”، التي تعدّ شاهداً قانونياً على أي خرق تقوم به إسرائيل.
الخطوة الإسرائيلية الأخيرة (الزيارة غير الشرعية)، وإن كانت ذات طبيعة سياسية–
استعراضية، تندرج ضمن الأفعال التي يمكن اعتبارها تعدّياً على أحكام الاتفاقية، لأنها تمثل محاولة لإظهار “سيطرة فعلية” على أجزاء من أراض لا يحق للاحتلال الوجود فيها أصلاً، وهو ما يُعدّ خرقاً لنصّ وروح الاتفاق.
المواقف العربية والدولية
تحظى سوريا بدعم عربي لا لبس فيه يرفض الاحتلال وسياساته، ويؤكد الالتزام بالمرجعيات الدولية باعتبارها الإطار الوحيد لضمان استعادة الحقوق. كما تؤكد دول عربية عديدة ضرورة احترام اتفاقية فصل القوات لعام 1974 ورفض أي خرق لها.
على الصعيد الدولي، فإن الأغلبية الساحقة من الدول ملتزمة بمبدأ عدم الاعتراف بأي تغيير في وضع الجولان، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن 497 ومبدأ “عدم الاعتراف بالوضع الناجم عن عمل غير مشروع” وهو أحد أعمدة القانون الدولي.
وأمام مواصلة إسرائيل تجاهل القرارات والمرجعيات الدولية وعدم احترامها لها، تؤكد سوريا، عبر موقف قانوني راسخ ومتسق، أن الانتهاكات الإسرائيلية لا تمتلك أي أثر قانوني، وأن كل محاولة لفرض وقائع جديدة ستظل مجرّد خروقات إضافية تضاف إلى سجل طويل من عدم امتثال إسرائيل لقرارات مجلس الأمن والاتفاقيات الدولية.
المجتمع الدولي أمام مسؤولياته
ختاماً، فإن اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وقرارات الشرعية الدولية، تشكل مرجعيات أساسية لا يمكن تجاوزها أو القفز فوقها، وتبقى إطاراً قانونياً وسياسياً ثابتاً يدعم حق سوريا الكامل في استعادة أراضيها المحتلة، وهنا يبقى المجتمع الدولي أمام مسؤوليات واضحة في ردع الخروقات وحماية مبادئ القانون الدولي، بما يمهّد لعودة الاستقرار واستعادة الحقوق المشروعة.
الوطن