إلغاء العقوبات رسالة طمأنة للمصارف للعمل في سوريا

يُشكّّل تعليق العمل بقانون قيصر لمدة ستة أشهر نقطة تحوّل مهمة في مسار التعافي المالي والمصرفي في سوريا، ويفتح الباب أمام عودة تدريجية للتعاملات المالية مع الخارج، بما يعزّز الثقة بالنظام المصرفي السوري ويمهّد لانخراطه مجددّاً ضمن المنظومة المالية الدولية.
ويُنظر إلى هذا التطور بوصفه نافذة أمل للاقتصاد السوري، الذي عانى لسنوات من القيود والعزلة المالية، إذ إن رفع العقوبات جزئيّاً عن المصارف يمكن أن يسهم في تحريك عجلة النشاط الاقتصادي والاستثماري، وفق ما أكده الخبير المالي والمصرفي الدكتور محمد علي في تصريح خاص لـ”الوطن” مبيناً أن قرار تعليق قانون قيصر «يشكّل إشارة إيجابية على الصعيدين الاقتصادي والمصرفي.
طمأنة للمصارف الدولية ومعايير للتعامل
ويرى علي أن تعليق القانون يرسل «إشارة طمأنة للمصارف الدولية» بخصوص آلية الامتثال وكيفية التعامل مع سوريا، لكنه شدّد على أن التعامل المالي سيبقى حذراً ومشروطاً بمعايير واضحة، أبرزها: -الالتزام الكامل بالمعايير الدولية والمحاسبية.
-تطبيق قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
-تعزيز الشفافية والإفصاح عن العملاء والمستفيدين الحقيقيين.
وأشار إلى أن هذه المعايير تمثّل «الأساس الذي تعتمد عليه المصارف الدولية لتقييم جاهزية البنوك السورية لاستئناف التعامل الخارجي».
خطوات متدرجة لإعادة الارتباط المالي
وأوضح الخبير المالي أن المرحلة المُقبلة ستشهد خطوات مُتدرّجة لإعادة بناء العلاقة بين المصارف السوريّة والبنوك العالمية، تبدأ بمرحلة المراجعة الشاملة لأنظمة الامتثال والتدقيق الداخلي في المصارف السورية، تليها مرحلة انتقائية لاختيار المصارف الأكثر التزاماً لتصبح مصارف مراسلة معتمدة لدى البنوك الأجنبية.
وبيّن أن فتح الحسابات الدولية للمصارف السورية سيكون خطوة لاحقة بعد استكمال المراجعات الفنية والتنظيمية المطلوبة.
رقابة دقيقة ومتطلبات للتحويلات المالية
ونوّه د. علي بأن أي اندماج مستقبلي لسوريا في النظام المالي العالمي سيكون تحت رقابة دقيقة من المصارف الأجنبية، موضحاً أن التحويلات المالية ستخضع لتحقق وثائقي دقيق يشمل فواتير الشحن، وشهادات المنشأ، وبيانات التصدير والاستيراد، وكل ما يثبت سلامة مصدر الأموال ومقاصدها.
التعاون مع مجموعة العمل المالي (FATF):
ودعا الخبير المالي إلى تعزيز التعاون بين النظام المالي السوري ومجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، معتبراً أن انتقال سوريا من القائمة السوداء إلى الرمادية سيعكس التزامها بالإصلاحات، ويزيد من ثقة المصارف الدولية بالتعامل مع نظيراتها السورية.
إصلاحات هيكلية لضمان الاستدامة
وختم محمد تصريحه بالتأكيد على أن إزالة قانون قيصر خطوة ضرورية لكنها غير كافية بمفردها، مشيراً إلى أن التحول الحقيقي يكمن في تطبيق إصلاحات مصرفية وهيكلية شاملة تضمن امتثال النظام المالي السوري للمعايير الدولية، بما يُمهّد الطريق نحو عودة تدريجية وآمنة للتعامل المالي والمصرفي مع العالم.
هناء غانم