الحكومة حكم عادل… المالكون والمستأجرون خلاف مصالح والحل لا غالب ولا مغلوب

في خطوة تعكس التزام الدولة بإحقاق الحق وإنصاف الجميع، أعلنت وزارة العدل عن تشكيل لجنة متخصصة لدراسة الصكوك التشريعية والتعليمات التنفيذية المتعلقة بعقود الإيجار ذات التمديد الحكمي، والتي تُعرف شعبياً بعقود “الفروغ”. هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعاً بين طرفي العلاقة الإيجارية، المستأجرين من جهة، والمالكين من جهة أخرى، حيث عبّر كل طرف عن هواجسه ومطالبه انطلاقاً من رؤيته الخاصة للعدالة.
مستأجرون بين الحقوق المكتسبة والقلق من التفريط
عدد من مستأجري المحال التجارية الخاضعة للتمديد الحكمي عبّروا عن قلقهم من أن تؤدي التعديلات المرتقبة إلى ضياع حقوقهم، مؤكدين أنهم دخلوا هذه العقود بشكل قانوني، ودفعوا مبالغ كبيرة مقابل “الفروغ”، ما يجعل من غير المنطقي – بحسب رأيهم – أن يُطلب منهم إخلاء المحال من دون تعويض عادل. ورفض نور الدين وهو أحد المستأجرين الاتهامات بالاستيلاء على أملاك الغير، مشدداً على أنهم لم يغتصبوا حقوق أحد، بل التزموا بالقانون السائد حينها.
المالكون: عقود أبدية غير عادلة
في المقابل، يرى المالكون أن نظام التمديد الحكمي حرمهم من حقوقهم طيلة عقود، حيث تقاضوا إيجارات زهيدة لا تتناسب مع القيمة السوقية لمحالهم، ولا مع نسب التضخم المتصاعدة. ويعتبرون أن استمرار هذا النظام يجعل المستأجرين بحكم “المالكين الفعليين”، وهو أمر مجحف وغير مقبول. محمد معتز أبو الهوا وهو أحد المالكين طالب بإلغاء القانون بالكامل، ورفضوا فكرة منح تعويضات للمستأجرين، معتبرين أن استعادة أملاكهم لا تحتمل التأجيل.
غرفة التجارة: نحو تمثيل متوازن في اللجنة
عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، لؤي الأشقر، أوضح أن وزير العدل طمأن التجار بعدم اتخاذ قرارات متسرعة، مؤكداً أن الهدف هو تحقيق العدالة وحماية حقوق جميع الأطراف. وأشار إلى أن الغرفة طالبت بتوسيع اللجنة لتشمل ممثلين عن المستأجرين والمالكين على حد سواء، نظراً لأن شريحة واسعة من التجار – سواء كمستأجرين أو مالكين – معنيون بهذا الملف، لا سيما في أسواق دمشق التاريخية مثل الحمراء، الصالحية، البزورية، الحريقة، وسوق الهال.
العدالة المنشودة: لا غالب ولا مغلوب
في ظل هذا التباين الحاد في وجهات النظر، تبقى مسؤولية الدولة – ممثلة بوزارة العدل – أن ترسي توازناً دقيقاً بين الحقوق المكتسبة والمصلحة العامة، وأن تُنهي إرثاً قانونياً معقداً خلّفه النظام السابق، بما يضمن العدالة والإنصاف لجميع الأطراف، ويُعيد الثقة بسيادة القانون كمرجعية عادلة لا تنحاز إلا للحق.
رامز محفوظ