الشيباني من موسكو: سوريا تستعيد مكانها ومكانتها في المسرح الدولي عبر شراكات سيادية متنوعة

أكد وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني من موسكو اليوم الخميس وجود رغبة سورية روسية مشتركة في فتح صفحة جديدة من التعاون الحقيقي المبني على الاحترام الكامل لسيادة الدول واستقلال قرارها الوطني، موضحا أن سوريا تستعيد مكانها ومكانتها في المسرح الدولي لا بالانحياز أو الاصطفاف لمحور بعينه، بل عبر شراكات سيادية متنوعة تخدم الشعب السوري أولاً وآخراً.
الشيباني الذي يقوم اليوم بأول زيارة لمسؤول سوري إلى روسيا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر العام الماضي، قال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف
في موسكو: إن اجتماعنا اليوم يأتي في منعطف حاسم وتاريخي في العلاقات السورية الروسية، وهو اجتماع مهم لبدء حوار ضروري ومدروس ينطلق من تجارب الماضي لصياغة علاقة الحاضر ويرسم حدوداً سياسية واضحة لأجل المستقبل، مشيراً بحسب وكالة “سانا”إلى أنه “منذ التحرير فتحت سوريا أبوابها للعالم انطلاقاً من الإيمان الكامل بقوة بلادنا المستمدة من صمود شعبنا ومصالحنا العليا وحقنا المطلق في تقرير مصيرنا”.
وأعرب الشيباني عن تطلع سوريا إلى تعاون روسي كامل وصادق في دعم مسار العدالة الانتقالية في سوريا لتصل إلى حجر الأساس في بناء دولة القانون وضمان عدم تكرار الانتهاكات وإعادة الاعتبار للضحايا، وقال “نحن لا نغض الطرف عن حقيقة أن جزءاً كبيراً من أبناء الشعب السوري لا يزال يحمل جراحاً عميقة متعلقة بمرحلة سابقة وهذه الجراح يجب أن يتم الاعتراف بها بمسؤولية وشفافية، فالشراكة الصادقة تطلب شجاعة وحكمة في مواجهة الصعاب، والانخراط في مسارات المساءلة يسهم في التهدئة والمصالحة الوطنية الشاملة”.
وأضاف: إن “السيادة الكاملة والمطلقة والقانونية للجمهورية العربية السورية كانت محل اعتراف وتقدير والتزام من قبل جمهورية روسيا الاتحادية وكانت حاضرة اليوم في لقاءاتنا بكل شفافية”، مشيراً إلى وجود رغبة مشتركة بين البلدين في فتح صفحة جديدة من التعاون الحقيقي المبني على الاحترام الكامل لسيادة الدول واستقلال قرارها الوطني.
وأكد الشيباني أن سوريا لا يمكنها المضي بثقة نحو البناء والاستقرار في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي تستهدف أراضيها ومقدراتها تحت ذرائع واهية باتت مكشوفة أمام العالم أجمع. وقال: “هذه الاعتداءات لا تمثل خرقاً واضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة فحسب، بل تعطل مسار إعادة الإعمار وتفاقم معاناة المدنيين وتغذي دوامات العنف وعدم الاستقرار، وقد لقينا من روسيا التزاماً برفض هذه الاعتداءات والوقوف إلى جانب سوريا لمنع هذه الانتهاكات”.
وبيّن أن سوريا تستعيد مكانها ومكانتها في المسرح الدولي لا بالانحياز أو الاصطفاف لمحور بعينه، بل عبر شراكات سيادية متنوعة تخدم الشعب السوري أولاً وآخراً، لافتاً إلى أن روسيا يمكنها المساهمة بشكل بناء في مسار التعافي في سوريا وتظهر التزامها المشترك بالقانون الدولي والاستقرار الإقليمي ومصالح الشعب السوري طويلة الأمد.
وقال: “إن التعاون بين دولتينا لا يقوم على الإرث الماضي بل على الاحترام المتبادل والسيادة الكاملة والمسؤولية المشتركة، ونؤكد لنظرائنا الروس أننا نعد هذا الحوار خطوة إستراتيجية لصياغة شروط جديدة تحفظ سيادة سوريا وتبني مؤسساتها وتضمن لها مستقبلاً يصونه أبناؤها، وسوريا اليوم وهي تخرج من نفق طويل من المحن تمد يدها إلى العالم لتؤكد أن صفحة جديدة قد بدأت عنوانها التعاون والاحترام والسيادة غير القابلة للتجزئة”.
وختم الشيباني بالقول: “نحن نبني سوريا الجديدة التي تتذكر شهداءها وتحفظ دماءهم، سوريا المستمدة من شعبها وأبنائها الذين يستحقون المستقبل البهي والحياة الكريمة بعد عقود طويلة من الظلام”.
وفي رده على أسئلة الصحفيين أكد الشيباني، أن الدولة السورية تتحمل مسؤولية حماية جميع مواطنيها على كامل الجغرافيا السورية، مشيراً إلى وجود استغلال لما حدث في السويداء للتدخل في الشؤون الداخلية، وخاصة من إسرائيل والمجموعات المسلحة المرتبطة بها.
وقال: إن القوات السورية تعرضت في الأسبوعين الماضيين إلى قصف ممنهج من إسرائيل في السويداء ما أجبرها على الانسحاب، وبالتالي حصول اشتباكات بين البدو ومجموعات مسلحة في السويداء، مؤكداً أن الحل يقتضي أن تكون الدولة السورية هي من تحمي المنطقة وتأخذ دورها في حماية المدنيين وحصر السلاح بيد الأجهزة الرسمية، وأن أي تدخل خارجي ستكون نتيجته الفوضى.
وأضاف: إن شروطنا مع إسرائيل عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم استخدام ورقة الأقليات، فالشعب السوري عاش ضمن سلام داخلي لقرون عديدة، والدولة السورية اليوم مسؤولة عن جميع السوريين، فليس لدينا أقليات أو أكثرية، وأي لعب على هذه الورقة سيؤدي إلى الفوضى، لافتاً إلى أن هناك الكثير من الدول لا تريد الاستقرار والأمن في سوريا بل تريدها ضعيفة ومقسمة.
وتابع: “نراهن على وعي الشعب السوري وحكمة الدولة السورية، فمنذ ال 8 من كانون الأول الماضي، التزمت الدولة بالحوار كمبدأ أساسي للم الشمل السوري وإعادة بناء الثقة بين السوريين، كما أن الحكومة الحالية تتضمن جميع الأطياف، وكذلك البرلمان السوري الذي سيتشكل قريباً سيمثل جميع أبناء الشعب السوري”.
وشدد الشيباني على أن الدولة السورية أعطت توجيهات واضحة بعدم الإساءة لأي مدني وحماية جميع مواطنيها، وهي ملتزمة بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في السويداء من أي جهة ينتمون إليها، مؤكداً أن ما يعقد المشهد هو التدخل الإسرائيلي المستمر. وقال: “سوريا تريد أن تعيد بناء نفسها من جديد وقد تعبنا من الحرب خلال 14سنة ونريد أن نعيد لم شمل السوريين في الداخل والخارج وهذا يحتاج إلى بيئة استقرار، وإلى كثير من الأصدقاء، لكن هناك جهات لا تريد لسوريا أن تكون آمنة ومستقرة وهذا ما نرفضه جملة وتفصيلاً”.
وكالات