اقتصادالعناوين الرئيسية

الصناعة أولاً: الرهان الحقيقي على المستقبل  حصرّية: لا اقتصاد من دون صناعة

الصناعة أولاً: الرهان الحقيقي أكد حاكم مصرف سورية المركزي، عبد القادر حصرية، أن الصناعي هو في جوهره تاجر وصانع في آنٍ واحد، مشدّداً على أن أي تعافٍ اقتصادي حقيقي لا يمكن أن يتحقق من دون إعادة الاعتبار للصناعة الوطنية بوصفها القاعدة الصلبة للاقتصاد.

وأوضح أن أكثر من سبعين عاماً من السياسات الخاطئة، ولا سيما النهج الاشتراكي المسيء، أسهمت في إضعاف المناطق الصناعية، وفرض أعباء ضريبية وتنظيمية أنهكت الصناعيين، الذين كانوا يطالبون بالحماية، في وقت كانت فيه التعطيلات العملية أكبر من أي دعم مُعلن.

وقال حصرية: «اليوم نبني علاقتنا مع الاقتصاد بفجرٍ جديد بعد التحرير، وهذا الفجر أهم من الحماية، لأننا تعلّمنا قيمة ما نملك، وقيمة بلدنا ووطننا، وقيمة أن نصنع بأيدينا». وأضاف: إن الصناعة ليست فقط وسيلة لتلبية احتياجات السوق المحلية، بل تشكّل المصدر الأساسي لخلق فرص العمل وبناء الثروة الوطنية المستدامة.

وبيّن حاكم المصرف أن «لا ثروة حقيقية من دون أن نُصدّر أكثر مما نستورد، وهذا ما فعلته كل الدول الناجحة»، معتبراً أن الطريق الوحيد لتعافي الاقتصاد الوطني هو الصناعة. وفي هذا الإطار، أعلن أن مصرف سورية المركزي اتخذ قراراً استراتيجيّاً في مجال التمويل، يخدم مصلحة كل صناعي وكل تاجر، من خلال ترك آليات السوق لتحديد سعر الصرف.

وأوضح أن زيادة الصادرات الصناعية تعني تحسّناً في سعر صرف الليرة السورية وارتفاع الطلب عليها، في حين يؤدي ارتفاع الاستيراد مقارنة بالتصدير إلى ضغوط مباشرة على سعر الصرف. وشدد على أن ربط الليرة السورية بأي عملية أجنبية يعني عمليّاً تجميد أهم آلية من آليات التنافسية الاقتصادية، مؤكداً أن الصناعة هي الضامن الحقيقي للاستقرار النقدي.

وفي سياق متصل، أكد عبد القادر حصرية أن المرحلة المقبلة ستشهد اعتماد آليات تعويض منظّمة ضمن عملية شاملة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، بما يضمن تعزيز الاستقرار المالي وتحسين كفاءة النظام المصرفي. وأوضح أن هذه العملية تقوم على ما وصفه بـ«المثلث الاقتصادي»، الذي يضمّ القطاع الخاص، والمساعدات الإنسانية، وآليات استقبال الأموال وتوزيعها، مشدّداً على أن التنسيق بين هذه الأضلاع الثلاثة يُشكّل أساساً لدعم النشاط الاقتصادي وضمان وصول الموارد إلى مستحقيها.

وأشار حاكم المصرف إلى أهمية إزالة العوائق الإدارية غير الضرورية، بما في ذلك ما يتعلق بلجان الاستيراد، لما لذلك من أثر مباشر في تسهيل العمل الاقتصادي وتحفيز المبادرات الإنتاجية والاستثمارية، لافتًا إلى أن هذه الإجراءات سيكون لها انعكاسات إيجابية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

وبيّن أن الرؤية الاقتصادية المستقبلية لا تقتصر على الصناعة وحدها، بل تشمل أيضاً تطوير قطاعات السياحة والخدمات، باعتبارها من أكثر القطاعات قدرة على خلق فرص العمل وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

كما تطرّق إلى أهمية قطاع النقل والصناعات المرتبطة به، ولا سيما صناعة السيارات، باعتبارها جزءاً أساسيّاً من البنية الاقتصادية الداعمة لمرحلة التعافي.

وفي هذا السياق، شدّد حصرية على ضرورة الاستفادة من التجارب الصناعية الدولية، مستشهداً بالتجربة الصناعية الأميركية في سبعينيات القرن الماضي، كنموذج يمكن البناء عليه لتطوير منصّات صناعية قادرة على المنافسة، مع مراعاة الخصوصية المحلية والظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد.

وختم حاكم مصرف سوريا المركزي حديثه بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة تتطلب تعزيز روح المنافسة والعمل المشترك بين الدولة والقطاع الخاص، ودعم الصناعيين في دورهم بتوفير احتياجات السوق المحلية، وخلق فرص عمل أوسع، وزيادة الصادرات الصناعية الوطنية، بما يسهم في استقرار سعر صرف الليرة السورية وتقليل الاعتماد على الواردات، ودعم مسار التعافي الاقتصادي الشامل.

ومن الجدير ذكره أن حديث الحاكم هذا جاء أمام الصناعيين خلال لقائه بهم مساء أمس.

هناء غانم – الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock