اقتصادالعناوين الرئيسية

الفاسدون في مصيدة التفتيش.. كل ليرة تستعاد هي تعبير عن جدية الدولة في حماية المال العام

نجحت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في الكشف عن ملفات فساد بمليارات الليرات السورية عبر قطاعات رئيسية، أبرزها الثروة المعدنية والتعليم العالي… ما يسلط الضوء على ضرورة تعزيز الرقابة الداخلية وتحسين إدارة الموارد لضمان استدامة التنمية وحماية الاقتصاد الوطني من الهدر المالي.
وأوضح الخبير المصرفي واختصاصي التدقيق الداخلي، الدكتور علي محمد، في حديثه لـ”الوطن”، أن الحديث عن الفساد في القطاع العام ليس بالأمر الجديد. وقال: “نحن نعلم أن هناك نسبة فساد كبيرة نسبياً في مؤسسات القطاع العام بشكل واضح خلال الفترة الماضية، ونأمل بأن توضع لها حلول جذرية تؤدي إلى القضاء على الفساد. هذا موضوع طويل يحتاج إلى إجراءات واسعة ومعقدة، والدول التي نجحت في الحد من الفساد اعتمدت مسارات طويلة ومتكاملة”.
وأضاف محمد: “وبالعموم، فإن ما ظهر في قطاع الثروة المعدنية من اكتشافات يمثل جزءاً من مبالغ أكبر ربما ذهبت في مسارب الفساد. وكذلك الحال بالنسبة لقضية الشهادات الجامعية في إحدى الجامعات الخاصة. هذا كله يعطينا مؤشراً أولياً على أن هيئة الرقابة والتفتيش بدأت تعمل برقابتها اللاحقة على عقود ومناقصات سابقة، وربما على أساسيات وسياسات وإجراءات اتُّخذت، أفضت إلى كشف هذه المخالفات التي تجاوزت قيمتها 142 ملياراً في قطاع الجيولوجيا، وملياراً ونصف المليار في التعليم العالي”.
وأشار محمد إلى أن ارتكاب أي مخالفة أو حالة فساد يعود إلى مجموعة من الأسباب، أهمها ضعف الرقابة الداخلية في المؤسسات، وضعف السياسات المتعلقة بكيفية اتخاذ القرار وإعداد الدراسات الصحيحة، بالإضافة إلى تواطؤ بعض الأطراف. وقال: “هذه الأسباب مجتمعة تؤدي إلى تفشي الفساد، ويمكن القول إن الجزء الأكبر منه هو فساد داخلي ناجم عن خلل في الرقابة الداخلية، مع أسباب أخرى تدخل تحت هذه المظلة. فلا يمكن حصرها في سبب واحد، بل هي مروحة واسعة تبدأ من ضعف الرقابة وتنتهي بغياب أسس الإدارة الرشيدة”.
وحول الآليات المطلوبة لمعالجة هذه الظاهرة برأي الخبير المصرفي أنها تأتي عكس الأسباب التي أدت إليها. وأضاف: “إذا كانت الأسباب أخلاقية أو مجتمعية أو اقتصادية أو حتى معنوية، فإن الحل يكمن في التصدي لها ومعالجتها بشكل متكامل. وعندما نتحدث عن ضعف الرقابة الداخلية، فهذا يستدعي العمل على تقويتها وتفعيل دورها في جميع المؤسسات، بما يضمن التخلص من مكامن الخلل والنقص. ثم يأتي دور الأجهزة الرقابية كهيئة الرقابة والتفتيش والمكتب المركزي للرقابة المالية وغيرها من الأجهزة لتتكامل فيما بينها وتشكل شبكة حماية شاملة ضد الفساد”.
وتطرق محمد إلى أهمية الأموال المستردة، فقال: “كل ليرة تُكتشف وتُسترد إلى الخزينة العامة لها قيمة تتجاوز مجرد رقم مالي مضاف، فهي تمثل خطوة في طريق الاستخدام الأمثل للمال العام وتوجيهه إلى الوجهات الصحيحة. وعليه، فإن الحديث عن مبالغ بحدود 142 ملياراً أو مليار ونصف المليار قد لا يبدو ضخماً مقارنة بإجمالي أرقام الخزينة، لكن أهميته تكمن في البعد النوعي، أي في القدرة على إظهار جدية الدولة في مكافحة الفساد وحماية المال العام”.

الوطن – محمد راكان مصطفى

زر الذهاب إلى الأعلى
الوطن أون لاين
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock