الكرامة لا تُقاس بالخيام بل بالمواقف والأخلاق.. والفنان الحقيقي هو من يوحّد الناس لا من يزرع بينهم الكراهية

أثارت تصريحات إحدى الفنانات السوريات استنكاراً شعبياً واسعاً بعد أن نفثت سمومها بلغةٍ طائفيةٍ وعنصرية مقيتة، واصفةً أهل الخيم بأوصاف لا تليق بأي إنسان، مهما كانت ظروفه أو انتماؤه، ووجهت كلاماً جارحاً ومهيناً لأناسٍ لم يرتكبوا ذنباً سوى أنهم نزحوا عن بيوتهم طلباً للأمان والكرامة.
لكن الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن الخيمة لا طائفة لها، وأن الفقر والنزوح والمعاناة لا تفرّق بين مذهبٍ وآخر. فالخيمة ليست شعار فقر أو ذل، بل رمز صمود وكرامة لإنسانٍ أُجبرته الحرب على النزوح، فحمل وطنه في قلبه وسكن خيمةً تحفظ له كرامته.
أهل الخيام هم أهل الشرف والكرامة، أُجبروا على ترك بيوتهم بسبب الحرب والدمار. هم أناسٌ يشهد لهم تاريخهم ونُبلهم وصبرهم. نزحوا مكرهين لا مختارين، وسكنوا خيماً لم تقهم يوماً من البرد والحر، لكنها في الوقت نفسه لم تُطفئ فيهم شعلة الكرامة ولا الإصرار على الحياة.
أهل الخيام هم أهل شرف وكرامة وأصالة، نزحوا مكرهين لا طائعين، ووقفوا رغم الجراح في وجه القهر والظلم. فكيف يُجازى من صمد وصبر بالإهانة؟
الخيم ليست مخصصة لطائفة، بل مأوى لكل مظلوم، وبيتُ من سُرقت منه الأرض، ودفترُ أوجاعٍ كتب عليه التاريخ معاناة الأبرياء.
الطائفية لا تُعبّر عن انتماء، بل عن جهلٍ وضيق أفقٍ وغياب للضمير. والفن الحقيقي يرفع الوعي ويوحّد الناس على كلمة الحق. ومن العار أن يصدر هذا الخطاب من فنانة يُفترض بها أن تكون صوتاً للإنسان، لا أداة للتحريض والتفرقة. فالفن رسالة، ومن يتحدث باسم الفن عليه أن يُدرك أن الفنان الحقيقي هو من يوحّد الناس بالكلمة الطيبة، لا من يزرع بينهم الكراهية.
سوريا، حاضراً ومستقبلاً، لا تحتاج إلى مزيدٍ من خطاب الكراهية، بل إلى كلمة تجمع لا تفرّق، وتُعيد للإنسان قيمته بعيداً عن الطائفة والمذهب والانتماء.
سوريا لنا جميعاً، بآلامها وآمالها، وبخيمها وبيوتها، وبجميع أبنائها من دون استثناء، ولتعلم هذه الفنانة، وكل من يسير في طريق الفتنة، أن الطائفية إلى زوال، وأن الكرامة لا تُقاس بالخيام، بل بالمواقف والأخلاق.
الوطن – وائل العدس