اللغة العربية.. لغة القرآن الكريم التي تمثل هويتنا الثقافية والدينية

اللغة العربية أداة حضارية وعقلية تعبّر عن هوية الأمتين الإسلامية والعربية. فقد اختار الله سبحانه وتعالى أن تكون اللغة العربية لغة القرآن الكريم، هذا الكتاب المقدس الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ليكون هدى ورحمة للعالمين. وفي قوله تعالى في سورة يوسف: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ” (سورة يوسف)، نجد تأكيداً على أن العربية هي لغة الفهم والعقل.
اللغة العربية تعرف بلغة الضاد، وذلك بسبب احتوائها على حرف “الضاد” الذي يعد من أبرز وأصعب الحروف في اللغة. يميز هذا الحرف اللغة العربية عن غيرها من اللغات، حيث لا يوجد له مثيل في العديد من اللغات الأخرى. يشير هذا اللقب إلى خصوصية اللغة العربية وفرادتها في تشكيل الأصوات، كما يعكس قدرة هذه اللغة على التعبير عن أدق المعاني باستخدام مجموعة متنوعة من الحروف المميزة. إن حرف الضاد يُعتبر رمزاً للغنى الصوتي واللغوي الذي تتمتع به العربية، وهو يجعلها لغة فريدة وسامية في مرونتها وقدرتها على التوصيل الواضح والجاد للأفكار والمفاهيم.
فهم الحقائق الكبرى
لقد اختار الله تعالى القرآن الكريم ليكون باللغة العربية، لأن العرب في زمن نزول القرآن كانوا أهل فصاحة وبلاغة، ولغة العرب كانت تتمتع بجماليات وأساليب تجعلها قادرة على نقل المعاني بكل دقة، ثم إن اللغة العربية كانت لغة ثقافة وحضارة، وبها تمكن النبي صلى الله عليه وسلم من إيصال رسالة الإسلام إلى العالم أجمع.
القرآن الكريم، الذي هو كتاب هداية للمؤمنين، جاء ليُعلم الناس كيف يمكن للغة أن تكون وسيلة لفهم الحقائق الكبرى عن الحياة والكون. إذ إن الألفاظ القرآنية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعاني التي تحملها، وهذا ما يجعل فهم القرآن يحتاج إلى قدرة على التفكير العميق والتأمل في دلالات الكلمات والجمل.
لغة حيّة
اللغة العربية غنية بالتراكيب والمفردات التي تحمل في طياتها معاني دقيقة ومعبرة. إنها لغة فصاحة وبلاغة، حيث يتمكن المتحدث بها من التعبير عن أفكاره ومشاعره بطريقة تجمع بين الدقة والجمال. فقد كانت ولا تزال هي لغة الشعر، الأدب، الفلسفة، والعلم في العديد من الحضارات، بدءاً من العصر الجاهلي وصولاً إلى العصر الحديث.
كما تتميز بتنوعها الكبير في اللهجات والكلمات، إضافة إلى غناها بالقواعد اللغوية التي تجعلها قادرة على استيعاب كل جديد في علوم الحياة. فهي لغة حيّة، لا يتوقف تطورها ونموها مع مرور الزمن. كما أن قواعدها النحوية والصرفية تجعل من المتحدثين بها قادرين على إبداع جمل مركبة ومعقدة في الوقت نفسه.
الجذور الدينية والثقافية
نظراً لأهمية اللغة العربية في فهم القرآن الكريم والتواصل مع التراث الثقافي والعلمي، فإن تعلم اللغة العربية يجب أن يكون أولوية لجميع الأجيال القادمة. إن تعليم الأطفال والشباب هذه اللغة يعني ربطهم بجذورهم الدينية والثقافية، ويعني كذلك منحهم أداة قوية للتفكير والتعبير عن أنفسهم بكل حرية ووضوح.
اللغة العربية لا تقتصر على تعلم القواعد والمفردات فقط، بل تشمل أيضاً تطوير مهارات الاستماع والقراءة والكتابة.
تعليم اللغة العربية يعني كذلك نقل القيم الثقافية والأخلاقية التي ترتبط بهذه اللغة، إذ إن القرآن الكريم كان ولا يزال هو المرجع الأساسي للعديد من المفاهيم الإنسانية العليا مثل العدالة، الرحمة، الصدق، والتواضع.
إذاً، اللغة العربية هي أكثر من مجرد أداة للتواصل، فهي تمثل هويتنا الثقافية والدينية، إنها لغة القرآن الكريم الذي أنزل هدى ورحمة للبشرية، وهي لغة العقل والفصاحة والبلاغة. لذلك، يجب أن نحرص على تعليم هذه اللغة للأجيال القادمة، كي تظل الأمة مرتبطة بتاريخها وتراثها، وتظل قادرة على التفاعل مع أحدث العلوم والفنون بقدرة وكفاءة.
وائل العدس