المواطن ودوامة أزمات.. هل يمكن للاقتصاد الاجتماعي أن يقلصها؟

شهد المجتمع السوري تحولات اقتصادية أفرزت فجوة طبقية عميقة إثر انهيار الطبقة الوسطى أمام تفاقم التفاوت في توزيع الثروة، في ظل هذه التحديات، يبرز الاقتصاد الاجتماعي أداةً لإعادة التوازن، عبر دعم الفئات الأكثر تضرراً وتمكينها اقتصاديًا بعيدًا عن النماذج الريعية السابقة، فهل يمكن لهذا النموذج أن يكون مفتاحًا لحل الأزمة الاقتصادية؟
نائب عميد كلية الاقتصاد للشؤون الإدارية وشؤون الطلاب في جامعة حماة الدكتور عبدالرحمن محمد رأى في حديثه لـ”الوطن” أن المواطن السوري يعيش في دوامة من الأزمات إذ تشير التقارير إلى أن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون في فقر، مع تدهور مستمر في مستوى المعيشة وارتفاع معدلات البطالة، مشيراً إلى دور الاقتصاد الاجتماعي في دعم الفئات الأكثر تضرراً من خلال توفير فرص العمل وتعزيز التعاونيات التي تساهم في تحسين الظروف المعيشية.
وأكد محمد أن الفجوة الطبقية في المجتمع السوري من القضايا الملحة التي تتطلب معالجة شاملة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها المواطن السوري اليوم إذ شهدت التركيبة الطبقية في السنوات الأخيرة تغييرات جذرية، فالطبقة الوسطى التي كانت تمثل العمود الفقري للاقتصاد تعرضت للانهيار بسبب الأزمات المستمرة، مما أدى إلى تزايد الفقر والبطالة ما زادت حدة الظروف الاقتصادية الصعبة، حيث يعاني المواطن ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض الأجور،مما يزيد من الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
ولفت إلى تعدد أسباب انهيار الطبقة الوسطى، أهمها تدهور الاقتصاد الوطني نتيجة الحرب التي دامت أكثرمن ١٤ سنة إضافة إلى زيادة الأسعار بشكل كبير مقارنة بالأجور الثابتة وتزايد معدلات البطالة بشكل ملحوظ، مؤكداً أن معالجة الفجوة الطبقية في المجتمع السوري تتطلب جهودًا متكاملة تشمل الاقتصاد الاجتماعي، ودعم الطبقة الوسطى، وتوجيه الاستثمارات بشكل فعال عبر التركيز على تحسين الظروف الاقتصادية من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير فرص العمل.
وأشار محمد إلى أهمية دور الاقتصاد الاجتماعي في تقليص الفجوة الطبقية من خلال توفير فرص العمل وإنشاء مشاريع تعاونية تدعم الفئات المهمشة، وتعزيز التعاونيات التي تساهم في تحسين مستوى المعيشة وتوفير الخدمات الأساسية وتوزيع الموارد بشكل عادل مما يساعد في تقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.
ويرى أنه رغم أهمية مشاريع التعاونيات والتمويل الاجتماعي، فإنها قد لا تكون كافية بمفردها، كما تحتاج هذه المشاريع إلى دعم حكومي وتعاون مع منظمات المجتمع المدني لضمان استدامتها وفعاليتها في مواجهة التحديات الاقتصادية، إضافة إلى توجيه الاستثمارات نحو المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تسهم في خلق فرص عمل جديدة والبنية التحتية لتحسين الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والقطاعات الإنتاجية لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.
وأشار إلى أن ضمان العدالة الاقتصادية يتطلب مجموعة من الأدوات التشريعية، منها إصلاحات ضريبية لضمان توزيع عادل للثروة وقوانين حماية العمال لضمان حقوقهم وتحسين ظروف العمل، وتشريعات لدعم المشاريع الصغيرة لتسهيل الوصول إلى التمويل والدعم الفني.
راما العلاف