تعزيز التعاون العربي مع سوريا.. بوابة جديدة نحو الاستقرار

تشهد العلاقات السورية مع محيطها العربي تسارعاً ملحوظاً على صعيد التعاون الاقتصادي والاستثماري والسياسي، حيث برزت المملكة العربية السعودية وقطر والأردن كأبرز الشركاء في هذه المرحلة الجديدة التي تعكس انفتاح دمشق على محيطها العربي والعالم الدولي، وتؤسس لمرحلة من التعاون المتعدد الأبعاد في ظل مشهد إقليمي ودولي متغير، وتؤكد أهمية سوريا المتجددة في موازين القوى بالمنطقة.
في هذا السياق، تأتي مشاريع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية كرمز حي لهذا التقارب المتزايد، حيث تم اليوم تدشين حزمة من المشاريع التنموية والإنسانية في القطاعات الصحية والغذائية والبنى التحتية، ما يعكس تقدير الرياض للعلاقات التاريخية مع دمشق، ورغبتها في دعم الشعب السوري في مرحلة إعادة البناء، وهو ما أكده المستشار بالديوان الملكي السعودي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة بقوله: إن هذه الخطوة تأتي تقديراً للعلاقات المتميزة بين البلدين، مشدداً على استمرار الدعم السعودي للسوريين في هذه المرحلة.
وفي تطور يرسخ التعاون الثنائي، أجرى أمس، وفد سعودي من وزارة الطاقة جولة ميدانية في مصفاتي بانياس وحمص، للاطلاع على واقع العمل والتقنيات المتاحة، في إطار تبادل الخبرات وتعزيز التعاون في قطاع الصناعات النفطية، وقد شهدت هذه الزيارة تعزيز التنسيق بين الجانبين، ما يمهد لمشاريع اقتصادية ضخمة تدعم الاقتصاد السوري وتحدث هيكلة المنشآت الكبرى وبالتالي التسريع من وتيرة إعادة الإعمار، حيث إن التعاون الثنائي في هذا المجال الحيوي يحمل في طياته فرصاً ضخمة لاستعادة سوريا لموقعها كدولة ذات إمكانات صناعية واقتصادية كبيرة يمكنها أن تسهم في توازن موازين الطاقة في المنطقة.
أما قطر فقد أبدت بدورها رغبتها الواضحة في الانخراط في تطوير العلاقات الاقتصادية مع سوريا، حيث شهدت الفترة الأخيرة توقيع اتفاقيات واستثمارات مشتركة مع رجال الأعمال السوريين، ما يعكس رغبة قطرية في المشاركة الفاعلة بإعادة إعمار سوريا واستثمار فرص السوق المتجددة، كما أن الجسر المتدفق من الدوحة إلى دمشق يعكس ثبات الموقف القطري الراسخ بدعم الشعب السوري ومساندته عبر طرح مروحة واسعة من المشاريع الاقتصادية والاستثمارية في سوريا.
وعلى الصعيد الأردني، فقد عبر رئيس غرف التجارة الأردنية خليل الحاج توفيق عن أهمية تطوير التعاون الاقتصادي والتكاملي بين الأردن وسوريا، وجاءت زيارة الوفد الأردني إلى محافظة درعا، لتعكس حرص الأردن على تعزيز العلاقات مع الجارة السورية عبر فتح آفاق جديدة للتبادل التجاري والاقتصادي، ودليلاً آخر على أن الجوار العربي يسعى لاستثمار مرحلة الاستقرار التي تشهدها سوريا، وهنا تبرز أهمية إعادة فتح معبر الرمثا – درعا البلد الحدودي، كعامل حيوي في تحريك الدورة الاقتصادية وإعادة الحياة للمنطقة الجنوبية التي تمثل نقطة تلاقي حضاري وتاريخي بين الشعوب، لكونه يشكل شرياناً حيوياً لتعزيز الحركة التجارية وتسهيل تدفق البضائع والاستثمارات العابرة من تركيا ودول الخليج العربي.
من المؤكد أن تسارع الخطوات الاقتصادية والاستثمارية بين سوريا ومحيطها العربي يشكل علامة فارقة تعيد رسم ملامح العلاقات الإقليمية، فهي ليست مجرد خطوات تجارية، بل هي مدخل لتعزيز الاستقرار السياسي وتحقيق التنمية الشاملة، وترسيخ التكامل بين شعوب المنطقة، وتعزيز موقع سوريا كعنصر في صياغة مستقبل المنطقة ليكون أكثر استقراراً وازدهاراً.
الوطن