محلي

حل لا بديل منه

| ميشيل خياط

ما من شك أن منحة المئة ألف ليرة الأخيرة، قد خففت نسبياً من الوجع المعيشي، الناجم عن الغلاء الفاحش، بالمقارنة مع القيمة الشرائية لليرة السورية التي انخفضت بسبب التضخم المالي غير المسبوق الناجم عن الحرب المستمرة على سورية عسكرياً واقتصادياً، واحتلال أميركا وتركيا لأراض سورية تحتوي على النفط (385 ألف برميل يومياً) والغاز (24 مليون متر مكعب يومياً)، وأراض خصبة كانت تنتج 1،5 مليون طن قمح في السنة على الأقل ونصف مليون طن من القطن عدا المحاصيل والمنتجات الزراعية الأخرى.

إن الازدحام الهائل على الصرافات، لهو أكبر دليل ملموس على أهميتها في حياة 1،5، مليون عامل ومتقاعد.

إن الحجم المالي لهذه المنحة المماثلة لمنحة شهر آب الماضي هو 250 مليار ليرة سورية، وبهذا المعنى فإن الدولة السورية أنفقت 500 مليار ليرة سورية، إضافة على الرواتب الشهرية، خلال أربعة أشهر للتخفيف من حدة الغلاء المتفاقم، ولجسر جزء من الهوة التي باتت سحيقة ما بين الرواتب والأسعار.

بالتأكيد ليست كافية، لكن من يتابع حركة الأسواق يدرك أن الشريحة الكبرى من ذوي الدخل المحدود لا تعيش على الراتب الشهري، بل على الحوالات التي تأتيها من أولادها وأقربائها في المغتربات، وعلى إعانات الجمعيات الخيرية والجوامع والكنائس وأهل الخير. إنه لصحيح من الناحية النظرية أن التضخم المالي، يعد خللاً بنيوياً بين زيادة الطلب وانخفاض العرض (برأي الدكتور مطانيوس حبيب في كتابه الوجيز في الاقتصاد السياسي)، إلا أن ما نلاحظه في أسواقنا العامرة، أننا نعاني من الوفرة ونبحث عن أسواق تصدير لمنتجاتنا، إن قانون العرض والطلب يسري في حالنا الراهن على السلع الفاخرة وجلها يأتي عن طريق التهريب أو الاستيراد من الدول الغربية، ومن المؤلم ذاك الإصرار على عدم الإقبال بحماسة على الاستيراد من روسيا وإيران والصين والهند، ولاسيما للأدوية والتجهيزات الطبية والآلات والآليات.

ثمة تقصير إعلامي كبير في الدفع باتجاه الإجراءات المجدية التي تعالج ما نعانيه من صعاب معيشية، وأساس هذا التقصير الفادح، غياب الصحف الورقية والمجلات المتخصصة، إننا نفتقر إلى الدراسات والتحليلات الجادة والتحقيقات المهمة التي تساعد الدولة، وتكون في متناول اليد بعيداً عن انقطاع الكهرباء، وصمام أمان وناقوس خطر.

نحتاج إلى جهد إعلامي حميد ينير الدرب الصحيح بعيداً عن التنمر والتبجح والسخرية والإصرار على أن نعيش مثلما عشنا في العام 2010 عندما وصل متوسط الرواتب إلى (300 دولار) في الشهر.

الوضع المعيشي لذوي الدخل المحدود ممن لا معين لهم موجع، واللحظة الراهنة لا تتطلب تشخيصاً للمعاناة وردحاً وتنكيتاً، بل تحتاج إلى إنارة دروب سالكة نحو حلول عملية.

لدى الحليفين العظيمين، روسيا وإيران، صعاب استثنائية بسبب تشديد الهجمة الأميركية الإسرائيلية عليهما، وقد يكون من أهم أسباب هذا التشديد، دعمهما لسورية، وليس من أخلاقنا التنكر لهما، تلميحاً وصراحة، ولاسيما على بعض وسائلنا الإعلامية، وهذا خطأ فادح.

إذاً علينا اعتماد حلول محلية يتبناها إعلامنا بحماسة، تبدأ بالقدوة الحسنة، إذ لايجوز أن تكون تكاليف وزير أو مدير تساوي مجموع ما ينفق على العاملين معه. ومن غير الجائز إصرار أغلب أصحاب القرار على عدم الاكتراث بما ينشر في الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وامتناعهم عن ايضاح ما يحدث واستهانتهم بعدم الوفاء بالوعود.. وأعتقد أن الصحف الورقية أكثر قوة في لفت الانتباه وإعادة الاعتبار للصحفيين في بلد هو الوحيد في العالم الذي فقد صحافته الورقية. وليس ضرورياً طباعة مئات ألوف النسخ وتصنع الجرائد مفاتيح إعلامية على امتداد الوطن، وتصوب كثيراً من المسارات، وتحتضن الوطنيين المتمسكين بالمسار السياسي الصائب لسورية. وتلح على حلول إنقاذية مثل: منافذ بيع حكومية لذوي الدخل المحدود فقط، وبأسعار تتلاءم مع الرواتب الحكومية، ودولار بثلاثة آلاف ليرة. ويتكئ هذا الحل على جمعيات وشركات مساهمة للنقل العام، وإعادة تشغيل المصانع الحكومية الكبرى (وثمة عرض إيراني في هذا المجال)، واستثمار مشترك للمنشآت الإنتاجية، والاستفادة من الأصول العامة في مشاريع إنتاجية مشتركة مع القطاع الخاص. نفذوا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock