رفع “قيصر” .. متى يشعر السوري بالفرق؟

لم يكن إلغاء قانون قيصر مجرّد قرار سياسي عابر، بل محطة مفصلية في المسار الاقتصادي السوري، تفتح الباب أمام تحولات عميقة طال انتظارها. غير أن السؤال الأهم بالنسبة للمواطن لا يرتبط بحجم القرار بقدر ما يرتبط بتأثيره الفعلي على معيشته اليومية: هل سينعكس على سعر الصرف؟ هل تنخفض الأسعار؟ وهل تفتح أبواب العمل والدخل من جديد؟ بين التفاؤل الحذر والواقع المعقّد، يقدّم الخبراء قراءة واقعية لما يمكن أن يحمله رفع العقوبات من فرص وتحديات في حياة السوريين.
أكد الدكتور عبد الرحمن محمد أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد في جامعة حماة أن إلغاء قانون قيصر يُعتبر خطوة مهمة نحو تخفيف الأعباء الاقتصادية التي أثقلت كاهل السوريين منذ فرضه في عام 2019.
ويرى محمد أن تأثير هذا الإلغاء على حياة المواطن العادي لن يكون فورياً، بل سيظهر تدريجياً على المدى المتوسط والطويل، معيداً ذلك لنقاط أبرزها التأثيرات الاقتصادية المباشرة كتحسن سعر صرف الليرة السورية فمع إلغاء العقوبات يتيح للبنك المركزي السوري الحصول على العملات الأجنبية بكميات أكبر، ما يعزز استقرار سعر الصرف ويقلل من تقلباته، وتراجع تكاليف الاستيراد فمع إزالة القيود على استيراد السلع والمعدات، من المتوقع أن تنخفض أسعار العديد من المنتجات في السوق المحلية، ما يخفف العبء على المستهلكين. وزيادة تدفق السلع فرفع القيود سيؤدي إلى توفر سلع كانت محظورة أو مرتفعة الثمن، ما يحسن من تنوع وجودة المنتجات المتاحة للمواطنين.
وحول فرص العمل وتحسين الدخل قال: يتوقع أن يؤدي رفع العقوبات إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية وبدء مشاريع إعادة الإعمار، ما يخلق آلاف الوظائف في قطاعات مثل البناء والصناعة والخدمات، مضيفاً: ومع انخفاض معدلات البطالة وزيادة الطلب على العمالة، قد تتحسن مستويات الدخل تدريجياً، ما يعزز القدرة الشرائية للمواطنين.
وعن تحسن الخدمات والبنية التحتية، يرى أستاذ الاقتصاد أن تدفق التمويل الخارجي، سيمكن الحكومة من تطوير شبكات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم، ما يرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. كما أن رفع العقوبات ينعكس إيجاباً على إدخال تقنيات حديثة فإزالة القيود على استيراد المعدات والتكنولوجيا سيعزز الإنتاج المحلي ويخفض التكاليف، ما ينعكس إيجاباً على حياة المواطن.
واستعرض محمد أهم التحديات، موضحاً أنه سيكون هناك تأخر في النتائج فرغم التفاؤل، يتفق الخبراء على أن التحسن الملموس في حياة المواطن سيحتاج إلى وقت، يتراوح بين عام إلى عامين، بسبب الحاجة إلى استقرار السياسات المالية والنقدية وتفعيل الاستثمارات. إضافة للتحديات الداخلية فالحكومة السورية تواجه تحديات كبيرة في إدارة المرحلة الانتقالية، بما في ذلك محاربة الفساد وضمان الشفافية لجذب الاستثمارات وتحقيق التنمية المستدامة.
وختم أستاذ الاقتصاد بالقول: إلغاء قانون قيصر يمثل “لحظة فارقة” في التاريخ الاقتصادي السوري، لكنه ليس حلاً سحرياً. والمواطن العادي قد يبدأ بملاحظة تحسن تدريجي في حياته اليومية من خلال استقرار الأسعار، وتوفر السلع، وتحسن الخدمات، لكن ذلك يعتمد على مدى قدرة الحكومة على استغلال هذه الفرصة لإعادة بناء الاقتصاد بشكل مستدام.
محمد راكان مصطفى