العناوين الرئيسيةسوريةسياسة

سوريا من الفرات إلى الأمازون.. دبلوماسية الانفتاح تتسع بخطا واثقة

تفتح سوريا صفحة جديدة في حضورها الدولي مع توجه الرئيس أحمد الشرع، غداً الأربعاء إلى البرازيل للمشاركة في المؤتمر الثلاثين للأمم المتحدة بشأن المناخ “COP30″، في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس سوري إلى أميركا اللاتينية منذ التحرير.
ولا تقتصر أهمية الزيارة على بعدها البيئي أو الرمزي، بل تمثّل تحوّلاً نوعياً في مسار السياسة الخارجية السورية، إذ تعكس إرادة واضحة لتوسيع شبكة العلاقات الدولية، وإعادة تموضع سوريا كلاعب فاعل في قضايا الجنوب العالمي والتنمية المستدامة.

من العزلة إلى الانخراط

بعد سنوات من الحرب والتحديات الداخلية، تسير دمشق اليوم بخطا مدروسة نحو دبلوماسية الانفتاح والتوازن، فمشاركة الرئيس الشرع في مؤتمر عالمي بهذا الحجم تشير إلى أن سوريا لم تعد تنظر إلى العلاقات الخارجية من منظور الدفاع أو البقاء، بل من منظور المبادرة والشراكة.
وتسعى القيادة السورية، وفق مصادر متابعة إلى جعل الحضور في قضايا المناخ والبيئة رافعة سياسية جديدة تعيد البلاد إلى الساحة الدولية من بوابة التعاون الإنساني والتنموي، بعيداً عن الانقسامات السياسية التي هيمنت على المشهد خلال العقد الماضي.

جسر أخضر بين الفرات والأمازون

وحسب المصادر، يحمل الرئيس الشرع إلى البرازيل مشروعاً رمزياً طموحاً بعنوان “شراكة خضراء بين الفرات والأمازون”، يربط بين نظامين بيئيين يمثلان الحياة والتجدد في الشرق والغرب.
وتعبّر هذه المبادرة عن لغة جديدة في الدبلوماسية السورية تجمع بين الوعي البيئي والهوية الوطنية، وتطرح رؤية لسوريا كدولة جنوبية منفتحة على نظيراتها في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، تسعى إلى تعاون يقوم على العدالة البيئية والتنمية المشتركة.

البيئة كطريق للسلام

الخطاب الذي من المنتظر أن يلقيه الرئيس في المؤتمر سيحمل، وفق المصادر المطلعة، رسائل متعددة الأبعاد، من جهة إبراز الضرر البيئي الهائل الذي خلّفته الحرب، ومن جهة أخرى، تأكيد أن إعادة الإعمار في سوريا هي نهضة إنسانية وبيئية في آن واحد.
ويبدو أن القيادة السورية تراهن على تحويل ملف المناخ من شأن تقني إلى قضية أخلاقية وسياسية كبرى تعكس مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها وتجاه كوكب الأرض على حد سواء.

انفتاح يتجاوز الجغرافيا

زيارة الرئيس الشرع تأتي لتؤكد أن السياسة السورية لم تعد محصورة في محيطها الإقليمي التقليدي، بل باتت تتجه نحو فضاءات أوسع تشمل أميركا اللاتينية ودول الجنوب العالمي.
وبهذا السياق، فإن اللقاء المرتقب بين الرئيس الشرع ونظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يُتوقع أن يضع أسس تعاون طويل الأمد بين دمشق وبرازيليا، في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة وإدارة الموارد المائية، ما يعزز مكانة سوريا في التحالفات الدولية الجديدة التي تتشكّل خارج إطار القوى التقليدية.

نهاية مرحلة وبداية أخرى

بالمحصلة، فإن مشاركة سوريا في مؤتمر المناخ هذا العام تحمل دلالات تتجاوز البروتوكول، إذ يمكن النظر اليها كإعلان عن نهاية مرحلة الانغلاق والانتظار، وبداية مرحلة الانفتاح والعمل المشترك.
فمن الفرات الذي شهد أولى حضارات الزراعة إلى الأمازون الذي يجسّد رئة الكوكب، ترسم دمشق بخطابها الجديد خريطة طريق لسوريا أكثر توازناً وفاعلية، تتحدّث بلغة المستقبل، وتبني حضورها على أسس العلم، والبيئة، والشراكة الدولية.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock