سوريا من سياسة المحاور إلى صفر مشاكل

لا شك في أن الدبلوماسية المتوازنة التي انتهجتها الإدارة السورية الجديدة منذ تسلمها السلطة في البلاد قبل نحو ثمانية أشهر عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد، أسهمت بشكل واضح في نقل البلاد تجاه الانفتاح على العالم، في محاولة لكسر الصورة النمطية التي رسمها النظام البائد والتي ارتكزت على سياسة المحاور وإيجاد التوترات في المنطقة.
فقد شكلت الزيارات التي قام بها الرئيس أحمد الشرع ومسؤولو الإدارة الجديدة للبلاد لبنة أساسية في رسم صورة مغايرة لممارسات النظام السابق، من حيث السعي إلى بناء علاقات بناءة مع مختلف الأطراف عربياً وإقليمياً وعالمياً، الأمر الذي لاقى ترحيباً واسعاً ودعماً من القوى المحبة للسلام والاستقرار، ونجح إلى حد بعيد في تحقيق إنجازات لافتة عبر ديناميكية سياسية لم تشهدها سوريا من قبل.
رسائل الطمأنة التي وجهها الرئيس الشرع، كذلك، منذ اللحظات الأولى لتسلمه مهامه إلى دول الإقليم لعبت دوراً مهماً في رسم دبلوماسية سورية جديدة تقوم على الحوار، واستعادة الثقة مع الشركاء الإقليميين والدوليين، بعيداً عن التجاذبات والاصطفافات الإقليمية.
وترجم ذلك جهود وزير الخارجية أسعد الشيباني، عبر حراك دبلوماسي مكثف وزيارات لعواصم عربية وعالمية إضافة إلى المشاركات الرسمية في المنتديات الدولية التي تحضر سوريا في بعضها لأول مرة، لتنجح دمشق في تغيير مسارها السياسي الخارجي، وتبني منهج تصفير المشكلات الإقليمية والدولية، على الرغم من الإرث السياسي الثقيل الذي خلفه النظام المخلوع عبر عشرات السنين، إضافة إلى التحديات الداخلية والخارجية.
سياسات الحكم الجديد دفعت مختلف وجهات العالم، في المقابل، إلى تأييد مسيرة سوريا الجديدة، وتجلى ذلك عبر اتفاقيات وقعتها دمشق في ميادين مختلفة، ولا سيما السياسية والاقتصادية، إضافة إلى قطاع الخدمات من طاقة واتصالات، هذا علاوة على زيارات قامت بها عشرات الوفود الإقليمية والعربية والدولية إلى دمشق، وما أسفرت عنه من عودة سوريا إلى الواجهة العالمية، إن كان عبر إعادة العلاقات الدبلوماسية أو التوصل إلى توافقات سياسية مهمة حيال أغلب المسائل ذات الاهتمام المشترك.
ولا بد من الإشارة إلى أن من ثمار النهج الجديد رفع العقوبات الأميركية والأوروبية التي فرضت على سوريا لمعاقبة النظام البائد على جرائمه بحق السوريين خلال الثورة التي اندلعت عام 2011 واستمرت نحو 14 عشر عاماً قدم خلالها أبناء هذا البلد تضحيات جسام من اجل الوصول إلى دولة جديدة تحفظ كرامة جميع مواطنيها وحقوقهم التي لطالما دأب النظام المخلوع على سلبها بشتى الوسائل.
الوطن