سوريو فرنسا: إدانة التفجير الإرهابي ودعوة باريس للضغط على «قسد»… وختامها احتفالات التحرير

أدانت جمعيات ومنظمات سورية-فرنسية، التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد علي بن أبي طالب في مدينة حمص، واصفةً إياه بـ«الهجوم الجبان على القيم الدينية والوطنية والإنسانية»، ومعتبرةً أنه استهداف مباشر للهوية الدينية والوطنية المشتركة، ومحاولة يائسة لإشاعة الفتنة في سورية.
وطالبت كلمات الوقفة الاحتجاجية التي نُظّمت في العاصمة الفرنسية باريس الحكومةَ الفرنسية بـ«العمل والضغط على (قسد) لتحقيق اندماجها ضمن مؤسسات الدولة السورية»، ما يُفَوِّت أي فرصة للمساس بوحدة النسيج الوطني السوري.
كما أدانت الوقفة، الانتهاكات اليومية التي ترتكبها «قسد» بحق سكان الجزيرة السورية، وفرضها – بحكم سلطات الأمر الواقع – سياسات تتعارض مع مواقف الأغلبية العربية وتوجهات الدولة السورية، وصولاً إلى المواجهات التي اندلعت بين عناصر «قسد» والجيش العربي السوري في أحياء من مدينة حلب، وما أسفرت عنه من ضحايا، فضلاً عمّا خلّفته من عودة مشاعر القلق والخوف والتهجير بين سكان المدينة.
رغم برودة الأجواء الباريسية، شارك المئات في الوقفة، رافعين لافتات الإدانة وأعلام الوطن، مردّدين أغاني الحرية التي نالها السوريون بعد سنوات طويلة من الثورة والمعاناة.
وجوهٌ بدت شابة في التظاهرة، التي دعت إليها جمعيات ومنظمات سورية-فرنسية، تزغرد فرحاً، وتدبك أجسادها، كأنها تدوس مخلفات النفي القسري. كانت وجناتهن تحمرّ فرحاً، فيما تلفت أهازيجهن ساحة “التروكاديرو” فتثير فضول المارّة للسؤال عن سوريا وأهلها وتحولاتها، وما جرى فيها بعد عام على التحرير، في مواجهة قوى لا تزال تمانع التغيير.
تقول سهى العلي، التي حضرت برفقة طفلتها الصغيرة:
«نحن غراس زيتون لم تهنأ بعيشها خارج وطنها، وليست فرحتنا هنا في الساحة بأقل مما نعيشه في بيوتنا».
في زوايا الساحة، وقف شبّان يرفعون صور الشهداء، وأمهات يحدّقن في الصور أكثر مما ينظرن إلى المنصة، فيما رفع المتظاهرون لافتات تندد بالإرهاب، وتدعو الدولة الفرنسية والمجتمع الدولي إلى منح سوريا وشعبها فرصة الحياة بعد سنوات من القتل والتهجير والتدمير.
احتفالات النصر
ساعات قليلة على انتهاء الوقفة الاحتجاجية، اكتظّت أمسية احتفالات النصر بالمشاركين، وبحضور عدد من وجوه الثورة السورية من فنانين ونشطاء إعلاميين. وأحيا عدد من مغنّي الثورة الليلة الأولى من الاحتفالات، على أن تستمر الفعاليات حتى اليوم التالي.
تقول أنسام علي، وقد لفّت كتفيها بالعلم السوري:
«لم تعد المنافي الأسدية في بلاد اللجوء عائقاً أمام احتفالات طال انتظارها. في سوريا بدت أطول من أسبوع، وفي فرنسا تحولت إلى شهر كامل؛ فمنذ الثامن من الشهر الجاري وحتى نهايته، صارت أيامنا احتفالات بالنصر».
حسان عبد الغني، الستيني، وصل برفقة جيرانه قادمين من مدينة روان الفرنسية، قاطعين مسافة تقرب 200 كيلومتر، لم تمنعهم من مشاركة السوريين في باريس احتفالهم بالذكرى الأولى للتحرير. يقول:
«شاركنا السوريين في مدينتنا احتفالات بداية الشهر، لكنها لم تكن بهذه الكثافة. نعم، هناك عطش لا ينتهي للفرح».
رفرفت الأعلام السورية في المكان، كجزء لا يتجزأ من المشهد الاحتفالي، تصدح الأغاني الثورية، وتحمل الوجوه مزيجاً من الفرح والحنين.
يضيف حسان: حلمت بهذا اليوم طويلاً… لكنني لم أتخيل أن أعيشه بعيداً عن سوريا. لا أكاد أصدق أن المسافة بيني وبينها باتت قصيرة. قريباً سأكون هناك، وسأطوي عقوداً من الألم والحرمان والنفي والاعتقال. ورغم مرور عام على التحرير، ما زلت أعيش هذا الحلم كل يوم، وأسأل نفسي: هل تحررنا أخيراً؟
أطفال وُلدوا في فرنسا ولم يروا سوريا يوماً، كانوا يهتفون باسمها، يلوّحون بعلمها، ويغنّون أغاني تعلّموها من آبائهم. هكذا تنتقل الذاكرة من جيل إلى جيل، خوفاً من أن يسرق المنفى الحكاية.
لم يأتِ المشاركون فقط للاحتفال بالنصر، بل ليؤكدوا أنهم ما زالوا هنا، وأن ذاكرتهم لم تُهزم رغم سنوات المنفى. بعضهم بكى بصمت، وآخرون ضحكوا بحرارة، وكأن هذا اليوم أتاح لهم أخيراً إخراج مشاعر مؤجلة منذ أكثر من عقد.
عامٌ على انتصار الثورة
بدا واضحاً أن السوريين لا يحتفلون بنهاية الطريق، بل ببدايته: احتفال بالحرية، وتذكير بأن العدالة، وإعادة البناء، وعودة الكرامة… لا تزال معركة مستمرة، وتختم سعاد قاسم (35 عاماً) حديثها بدموع تمتزج فيها آلام الماضي بأملٍ تتطلع إليه كل يوم.
باريس – محمد العويد