“قسد” خطوات تائهة نحو دمشق.. ولعب بالنار في الجغرافيا الوطنية

رغم مضي أربعة أشهر على توقيع الاتفاق بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية “قسد” مظلوم عبدي، والمفترض أن يُوحّد المؤسسات العسكرية والسياسية تحت مظلة الدولة، فإن الأخيرة ما زالت تماطل في تنفيذ بنوده، مصرة على الاستئثار بمقدرات المناطق التي تسيطر عليها من خيرات زراعية وثروات نفطية، بهدف خلق بيئة خاصة (كنتون) خارج نطاق سيطرة الدولة.
المحادثات الأخيرة قبل أيام بين دمشق و”قسد”بحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك، كشفت مخططات “قسد” الهادفة إلى الخروج عن الصف الوطني والمساس بهوية سوريا الجامعة، عبر إصرارها خلال المحادثات على الحفاظ على هيكلها العسكري وتعزيز نموذجها للحكم اللامركزي في شمال شرق سوريا، الأمر الذي يعد انتهاكاً للسيادة السورية وبنود اتفاق 10 آذار.
تشير كثير من التحليلات السياسية إلى أن” قسد” تراهن في عنادها، وعدم الذهاب قدماً في تنفيذ اتفاق 10 آذار، على الاستثمار في ملف السجون التي تحت إدارتها وتحتوي سجناء من تنظيم “داش” الإرهابي كورقة ضغط على المجتمع الدولي، ما يؤكد أهمية انتقال إدارة تلك السجون الى الحكومة السورية، بما يتقاطع مع رغبة أميركية وإقليمية أوسع لإنهاء هذا الملف بشكل نهائي.
من الواضح أن قادة “قسد” وقعوا في مطب قراءة قرار “البنتاغون” قبيل المحادثات الأخيرة تخصيص نحو 130 مليون دولار ضمن موازنتها لعام 2026 لدعم كل من “قسد” و”جيش سوريا الحرة”، قراءة خاطئة بينتها تصريحات باراك عقب جلسة المحادثات بقوله إن الحكومة السورية أبدت «حماسة لا تصدق» لضم «قسد» إلى مؤسساتها، ضمن رؤية «دولة واحدة، أمة واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة»، وتوجيهه انتقادات صريحة إلى «قسد» التي وصفها بأنها «بطيئة في الاستجابة والتفاوض» في هذا المسار، مشدّداً على أن «هناك طريقاً واحداً فقط، وهذا الطريق يؤدي إلى دمشق».
في قراءة متأنية لخطوات “قسد” التائهة في علاقتها مع دمشق، فإن ثمة مقاربات غير مدروسة، وغير عقلانية تصدر عن قادتها، وأن البعض من أصحاب الرؤوس الحامية فيها يراهن على متغيرات، تفضي في نهاية المطاف الى التغريد خارج المكون الوطني الواحد.
الوطن