مقالات وآراء

“كاش” على بسطات “العباسين”

حدّثني زميلي في “الوطن” اليوم عن أهمية توفير خدمات تسديد قيمة المشتريات إلكترونياً في تيسير أمور الناس، وتوفير عناء الوقوف على الصرافات التي أغلبها معطلة في البلد منذ سنوات، والجهد الذي توفّره عمليات التسديد الإلكتروني، حيث أصبحت من بدهيات الأنظمة الاقتصادية في كل العالم.

قال: عندما ذهبت في نهاية الأسبوع الماضي إلى كراج العباسين في دمشق لأخذ “السرفيس” الذي يصل إلى بلدتنا في ريف دمشق لم يكن في جيبي سوى 20 ألف ليرة سوريّة، وهو المبلغ المطلوب أجرة السرفيس تماماً.

وخلال انتظار اكتمال عدد الركاب رأيت في الكراج على إحدى البسطات بعض الحاجيات التي تلزمنا في البيت وبسعر رخيص لا يُفوّت، وعندما “بازرت” البائع على السعر واتفقنا عليه تذكرت أنه ليس معي سوى أجرة ‘السرفيس”، فاعتذرت من بائع البسطة قائلاً : ليس معي نقود كاش وإنما فقط في حساب الموبايل، وصدمت عندما قال لي لا مشكلة حوّل لي المبلغ على حساب ” كاش”، فاعتقدت أنه يمزح، وسألته هل حقاً استطيع ذلك ؟ قال: طبعاً افتح الموبايل وخذ الباراكود، وفعل ذلك خلال أقل من دقيقة فتم التحويل، ويضيف زميلي: وأخذت أغراضي وعدت إلى بلدتي وأنا سعيد لسببين الأول أننا وصلنا إلى هذه المرحلة من التطور التقني في عمليات الدفع الإلكتروني التي لها إيجابيات كبيرة جدا، والثاني أنني استطعت الحصول على ما أعجبني من أغراض كنت بحاجتها بفضل “كاش” في وقت لم أكن أحمل نقوداً في جيبي.

هذه القصة  ليست نادرة ولكنها ذات معانٍ ودلالات كبيرة أولها أن الدولة التي كانت قبل التحرير رغم كل ما فيها من إمكانيات وكوادر وقدرات كانت عاجزة عن فعل مثل ذلك، في وقت استطاع ثلّة من أبناء منطقة الشمال ممن كانوا في إدلب أن يرسخوا مفهوم التسديد الإلكتروني، وهناك عشرات المحال التجارية ومحطات الوقود والمشافي والأطباء وغيرها من المراكز الخدمية الخاصة طبّقت عمليات التسديد الإلكتروني، ليس لأن لديهم إمكانيات أكبر من حكومة دمشق قبل التحرير، بل لأنهم تحرروا من الأنا الخاصة التي حوّلت كل شيء لمصلحة المنتفعين.

اليوم وقبل غدٍ المطلوب من الحكومة إطلاق العنان لكل المبادرات التي من شانها توفير أفضل الخدمات لأبناء هذا الوطن، وهذا متاح وممكن في حال توافرت النيّات الصادقة.

محمود الصالح

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock