العناوين الرئيسيةسوريةسياسة

لقاء البيت الأبيض.. يرسم ملامح المستقبل

في مشهدٍ سياسي غير مسبوق، يفتح لقاء البيت الأبيض بين الرئيس أحمد الشرع والرئيس الأمريكي دونالد ترامب صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين دمشق وواشنطن، ويعيد رسم ملامح التوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط، فاللقاء الذي عقد في المكتب البيضاوي، لم يكن مجرد حدث بروتوكولي، بل مثل ذروة تحول سياسي واقتصادي تتقاطع فيه مصالح واشنطن ودمشق في مرحلة عنوانها: الانفتاح وإعادة الإعمار.

ولعل توقيت اللقاء هو الأكثر أهمية، فإعلان وزارة الخزانة الأمريكية تعليق عقوبات “قيصر” لمدة ستة أشهر، باستثناء ما يتعلق بروسيا وإيران، يكشف أن واشنطن تفتح الباب أمام مرحلة أولية من الانفتاح الاقتصادي، هذا القرار ليس مجرد إجراء مالي، بل رسالة سياسية مفادها أن الإدارة الأمريكية ترى في دمشق شريكاً قادراً على الإسهام في استقرار المنطقة، بعد سنوات من العزلة والضغوط.

مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق الجنرال مارك كيميت، قال بوضوح إن الولايات المتحدة تسعى إلى “سوريا تحت حكومة واحدة وسلطة موحدة”، وهو تصريح يعكس تحولاً في العقيدة الأمريكية تجاه الملف السوري، من منطق “التقسيم والضغط” إلى منطق “الوحدة والاستقرار”، هذه الرؤية الجديدة تلتقي مع تعهد الرئيس الشرع بقيادة البلاد نحو مصالحة وطنية شاملة تضم جميع المكونات، في إطار دولة قوية مستقلة، منفتحة على العالم دون التفريط بسيادتها.

على الجانب الاقتصادي، تشير تصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية عقب إعلان وزارة الخزانة الأمريكية، إلى أن أكثر من 22 شركة أمريكية أبدت رغبتها في دخول السوق السورية، بينها “فيزا”، “ماستر كارد”، و”هاليبرتون”، هذا الاهتمام الأمريكي المفاجئ يعكس إدراكاً متنامياً في واشنطن بأن مرحلة إعادة الإعمار في سوريا قد تكون واحدة من أكبر فرص الاستثمار في الشرق الأوسط خلال العقد المقبل.

ويرى مراقبون أن اللقاء بين الرئيسين السوري والأمريكي يحمل في طياته دلالات رمزية بالغة، فجلوس الرئيس الشرع في الجهة المقابلة للمكتب البيضاوي لم يكن مجرد تفصيل بروتوكولي، بل إشارة واضحة إلى اعتراف واشنطن بمكانة القيادة السورية الجديدة، واستعدادها للتعامل معها كطرف فاعل يمتلك وزناً سياسياً حقيقياً، أما الابتسامة العريضة التي بدت على وجه ترامب، فهي رسالة مقصودة إلى الداخل الأمريكي والعالم بأن اللقاء ودي وبعيد عن التوتر، وأن العلاقة مع دمشق لم تعد محكومة بظلال العقوبات والعداء السياسي، بل تسير نحو شراكة ممكنة.

ووفق المراقبين فإن دلالات الصورة  أبلغ من البيانات، فالبيت الأبيض رمز القرار الأمريكي، فتح أبوابه لضيفٍ كان حتى وقت قريب محور العقوبات، وترامب بابتسامته الواسعة، بدا كمن يعلن بدء صفحة جديدة مع دمشق، في المقابل، قدم الشرع نفسه للعالم بصورة القائد الواثق، الحاضر على الساحة الدولية بصفته ممثلاً لدولةٍ استعادت توازنها وتبحث عن مكانها المستحق في النظام الدولي.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock