معرض دمشق الدولي.. زخم فني وثقافي يرسم ملامح مرحلة التعافي

لم يعد معرض دمشق الدولي حدثاً اقتصادياً أو تجارياً فقط، بل تحوّل إلى منصة فنية وثقافية تعكس تنوع الهوية السورية وانفتاحها على العالم.
وفي ظل الظروف التي تمر بها سوريا اليوم، يكتسب المعرض أهمية مضاعفة، إذ يقدم نفسه بوصفه جسراً للتواصل الحضاري ورسالة رمزية مفادها أن الثقافة والفن قادران على مقاومة الحرب، بل العبور بسوريا نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
ويحتل الفن مكانة محورية في المعرض، حيث تُخصص أجنحة ومعارض داخلية وخارجية لعرض الفنون التشكيلية، التصوير الضوئي، الحرف اليدوية، والموسيقا. وهذه المشاركات لا تمثل مجرد أعمال جمالية، بل هي شهادات حيّة على صمود الفنان السوري واستمراره في الإبداع رغم كل التحديات.
ومن الناحية الثقافية، يمثل المعرض منصة للحوار والتبادل الثقافي بين سوريا ودول العالم. حيث إن مشاركة دول من كل القارات لا تعني فقط حضور منتجاتها التجارية، بل أيضاً حضور فنونها وتراثها، وهو ما يحوّل دمشق خلال فترة المعرض إلى ملتقى عالمي تتلاقى فيه ثقافات الشرق والغرب.
كما تعكس هذه المشاركات الواسعة رغبة متبادلة في التقارب الثقافي رغم التباينات السياسية، وإحياء دور دمشق التاريخي كمركز للإشعاع الحضاري منذ العصور القديمة، وتعزيز صورة سوريا كبلد غني بالتراث، لكنه في الوقت نفسه منفتح على التجديد والحداثة.
وتتجاوز أهمية المعرض الفنية والثقافية الجانب الجمالي إلى البعدين الاجتماعي والنفسي. ففي بلد أنهكته الحرب، يصبح الفن والثقافة أداة لترميم الذاكرة الجمعية، وبث روح الأمل في المجتمع. كما أن حضور العروض الفنية والموسيقية يخلق مناخاً احتفالياً يعزز الانتماء الوطني، ويعيد الثقة بالقدرة على النهوض من جديد.
إن انعقاد المعرض بهذا الزخم الفني والثقافي يعكس إرادة الحياة لدى السوريين، ويبعث رسالة حضارية مفادها أن سوريا لا تختزل في الحرب والدمار، بل هي بلد حضارة وفن وإبداع. كما يثبت أن الثقافة قادرة على لعب دور تكاملي مع الاقتصاد والسياسة برسم ملامح مرحلة التعافي.
وفي هذه المرحلة التي تمر بها سوريا، يصبح المعرض شاهداً على أن الفن والثقافة ليسا ترفاً، بل ضرورة وطنية لإعادة بناء الإنسان والمجتمع، وتعزيز مكانة سوريا كحاضرة حضارية لا تغيب عن المشهد الإقليمي والعالمي.
الوطن -وائل العدس