من قلعة دمشق.. الشرع يطلق صندوق التنمية السوري لإعمار الوطن وعودة المهجرين

الرئيس الشرع يطلق صندوق التنمية السوري من قلعة دمشق.. بداية مرحلة جديدة لإعادة الإعمار في مشهدٍ وطني حمل دلالات رمزية كبيرة، أطلق الرئيس أحمد الشرع أمس من قلعة دمشق التاريخية صندوق التنمية السوري، باعتباره مبادرة استراتيجية تهدف إلى إعادة الإعمار وتمويل المشاريع التنموية عبر آلية القرض الحسن. ويأتي هذا الصندوق ليؤسس لمرحلة جديدة قوامها الاعتماد على الذات، والتكافل بين أبناء الوطن، والشفافية في إدارة الموارد.
وأكد الرئيس الشرع في كلمة له خلال الفعالية أن سوريا تدخل مرحلة البناء والإعمار بعد سنوات صعبة، مشيراً إلى أن الاعتماد سيكون على طاقات السوريين أنفسهم، وقال:
“لقد دمّر النظام البائد اقتصادنا ونهب أموالنا وشرّد شعبنا في المخيمات ومواطن اللجوء. واليوم نجتمع لنُداوي جراح سوريا الحبيبة ونعيد بناءها بسواعد أبنائها، ونُعيد المهجرين والنازحين إلى أرضهم.”
وتابع الرئيس الشرع: نجتمع هنا اليوم لنعلن انطلاق صندوق التنمية السوري الذي ندعوكم من خلاله للإنفاق من كريم أموالكم لنبني ما هدّمه النظام البائد ونحيي الأرض التي أحرقوها ونعيدها خضراء يانعة. سيحظى الصندوق بشفافية عالية وسيعمل على الإفصاح عن كل مال يُنفق ضمن مشاريع استراتيجية.
وأضاف: إن الصندوق سيعمل وفق نهج واضح وشفاف في تمويل مشاريع استراتيجية، لافتاً إلى أن الهدف ليس طلب الصدقة لسوريا بل تمكين أبنائها من نيل شرف المساهمة في إعادة إعمارها، وقال:
“إن الشام أعزّ من أن يُتصدّق عليها، وإنما واجبنا جميعاً أن ننال شرف العطاء لبلادنا وأمتنا.”
وختم الرئيس الشرع بالقول: إن سوريا اليوم تختبر محبتكم وتمنحكم شرف المساهمة في علاج جراحها، وشرف أن تكونوا جزءاً من تاريخ إعادة بنائها. أمامنا اليوم فرصة عظيمة ليستدرك فيها من قصّر ويستزيد من شارك، ولنعِد بناء سوريا معاً ولنكن يداً واحدة وعلى قلب واحد.
لحظة وطنية غير مسبوقة
من جانبه، أوضح مدير عام صندوق التنمية السوري محمد صفوت رسلان في كلمة له خلال الفعالية أن انطلاقة الصندوق تمثل “لحظة وطنية غير مسبوقة”، تجمع بين الإرادة الوطنية والطموح، مؤكداً أنه سيكون بوصلة لإعادة الإعمار، ورمزاً للشفافية والاستقرار، ومحركاً للنمو.
وأشار رسلان إلى أن الصندوق يقوم على رؤية شاملة لتوحيد جهود الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص وأبناء سوريا في الداخل والخارج، مع ضمان إدارة الموارد بكفاءة وخلق فرص عمل ملموسة وتحسين الخدمات في جميع المحافظات والمدن والقرى.
ولفت رسلان إلى أن سوريا اليوم أمام انطلاق مرحلة جديدة: مرحلة البناء بعد الدمار، والثقة بعد الانكسار، والأمل بعد الألم. ومع الدعم والمتابعة، سيصبح هذا الصندوق رمزاً للشفافية، وعنواناً للاستقرار، ومحركاً للنمو. وقال: دعونا جميعاً نمد أيدينا إلى بعضنا بعضاً، ونجعل من هذا الصندوق قوة وطنية جامعة.
الذراع التمويلية لإعادة الإعمار
وفي تصريح للصحفيين على هامش الفعالية قال: إن إطلاق صندوق التنمية اليوم بمثابة ولادة كيان جديد في الدولة السورية، ويُعتبر الذراع التمويلية لإعادة الإعمار، وعلى وجه الخصوص إعادة إعمار ما دُمّر خلال سنوات الحرب، وهو يمثل نهضة جديدة في الواقع السوري.
وحول دور الدول العربية والإقليمية الصديقة في دعم الصندوق، بيّن رسلان أن علاقة سوريا مع الدول العربية والإقليمية، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، علاقة جيدة ومتميزة، ونحن متفائلون بأن تكون هذه العلاقة المميزة ركيزة وداعماً قوياً لسوريا عموماً ولصندوق التنمية على وجه الخصوص.
وختم بالقول: الصندوق موجه لتمويل عدة قطاعات، وأولوياتنا في المرحلة الأولى تمويل إعادة الإعمار وبناء البنية التحتية، إضافة إلى تمويل قطاع الصحة والتربية والتعليم والزراعة، والعمل على إنهاء واقع المخيمات في الشمال السوري.
فرق لدراسة الأحياء الدمشقية المدمرة
من جهته، كشف محافظ دمشق ماهر مروان إدلبـي على هامش الفعالية لـ”الوطن” عن وجود تجهيز فرق لكل الأحياء الدمشقية، وتم رسم خريطة لها سواء كانت مدمّرة جزئياً أو كلياً.
وقال في تصريح له: بدأنا خطوات حقيقية في إعادة الإعمار في حي جوبر والقابون، واستكملنا عدة دراسات لإعادة تقييم المخططات القديمة وتحديث المخططات الجديدة بما يتواكب مع الدولة السورية وهويتها وهوية هذه المناطق. ونعمل مع عدة جهات دولية ومحلية، وقطعنا شوطاً جيداً في هذا المجال.
واضاف: هذه المبادرة الطيبة بأن يُموَّل هذا الصندوق من الشعب السوري، معتمداً على موارده وطاقاته وقلوبه، كانت فارقة وتعبر عن التلاحم والتماسك الحقيقي للشعب السوري، كما تعبّر عن قوة وإرادة وعزيمة نحو سوريا المستقبل.
هذا وتم خلال الفعالية فتح باب التبرعات من داخل سوريا وخارجها لمصلحة صندوق التنمية السوري.
محمد راكان مصطفى ـ رامز محفوظ